أم كلثوم لقنت مدير أكبر مسارح العالم درسا في الكرامة

تعرف أم كلثوم، وفق المصادر، متى يكون الحضور فرضًا ومتى يقتضي الانسحاب أو الوقوف بحزم، وتبرز قدرتها على قراءة الظروف وتوجيه الأداء وفق الرسالة الوطنية. وتظل رمزاً للفن الذي يجمع بين البساطة والهيبة، وتجمع بين خفة الدم والحزم في تعاملها مع المواقف الكبرى. وتُعد نموذجاً لـ”بنت البلد” التي لا تتنازل عن مبادئها وتوازن بين التواضع والارسالية القوية.

الموقف في باريس الأولمبيا

أظهرت أم كلثوم في باريس الأولمبيا موقفاً وطنياً حازماً عندما طلب مدير المسرح ترجمة حديث المذيع وتعديل سياق الوصلة. اشتكى المدير من وجود مضمون سياسي في الحفل ورأى أن التقديم سيعكس رسالة غير مناسبة للمناسبة الفنية، فتصاعد المشهد. قالت أم كلثوم بوضوح: “بل نحن في مناسبة وطنية، وإني جئت إلى فرنسا من أجل المساهمة في المجهود الحربى لبلادي، وإذا كان أسلوبنا لا يروق له فليعتبر اتفاقنا لاغياً”، ثم أمرت الموسيقيين باستكمال العزف بالقول: “للآلات يا ولاد”. وتراجع المدير أمام الحزم الحاسم وتقدمت الوصلة الثانية كما تقرر دون أي تراجع من جانبها.

تصف المصادر أم كلثوم بأنها صوت استثنائي وأسطورة غنائية تعيش في برج عاجي. لكنها في الواقع نموذج لبنت البلد التي تجمع بين البساطة والهيبة، وخفة الدم والحكمة، وتوازن بين اللطف والحزم.

تؤكد هذه الصورة أن وطنيتها ونفسها لا تقبلان التنازل عن قضيتها الوطنية أو رسالتها الفنية، حتى وإن أدى ذلك إلى ثمن معنوي كبير. وتصف الروايات كيف أنها في موقفها من باريس لم تحيد عن موقفها وتلقفها الموسيقيون كلماتها كقوة دافعة للأداء الجماعي.

تؤكد الحكايات أن كوكب الشرق كانت حاسمة وواضحة في مواقفها الوطنية، حتى لو اقتضى ذلك إلغاء حفلها على أبرز المسارح العالمية. وتذكر المصادر أن موقفها يعكس اعتزازها بنفسها وببلدها وبقضيتها العربية، وهو ما رواه الكاتب محمد سلماوى في مذكراته حين كان شاهداً على الحدث في باريس، مع وصفه لتفاعل المدير وجلال المعوض مع موقفها.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى