مع بداية شهر ذى الحجة سنويا ولمدة ١٠ أيام تشهد منطقة وادى حميثرة جنوب غرب مرسى علم بالبحر الأحمر توافد الآلاف من المريدين والزوار والمتصوفين من مختلف المحافظات فى احتفالات شعبية بمولد سيدى أبوالحسن الشاذلى لمدة ١٠ أيام وسط جو من الابتهالات والأناشيد وحلقات الذكر. وتنتهى الاحتفالات بالليلة الختامية مساء ٩ ذى الحجة بالصعود لجبل حميثرة وذبح الأضاحى صباح يوم العيد.
وشهد الطريق المؤدى للاحتفالات تزاحما من السيارات التى تقل المريدين وأسرهم من مختلف المحافظات، حيث تحمل السيارات مكبرات الصوت التى تنطلق منها الابتهالات التى يرددها المريدون وتعلوها الرايات والأعلام مختلفة الألوان، مرددين أشهر الأناش فى مولد الشاذلى «يا شاذلى يا أبُوالْحسنْ، ونْعيشْ ونْزورك سَنَوِى ونْولّع نورك سنوى».
ويعد مقام أبو الحسن الشاذلى فى صحراء حميثرة قبلة للمتصوفين فى مصر والعالم، حيث يقع مسجد القطب الصوفى سيدى أبو الحسن الشاذلى بقريته، حيث تحول هذا الوادى الصحراوى ببركة من دفن فيه إلى منطقة عامرة بالسكان والمريدين، بعد أن تمت إعادة بناء المسجد الذى أصبح تحفة معمارية تتناسب مع البيئة الطبيعية للمنطقة، حيث يشع النور من أركان ومآذن المسجد الـ4 لينير هذه البقعة من الصحراء الشرقية.
ويعد الإمام الشاذلى إمام شيوخ الصوفية فى مصر والعالم العربى وهو حجة الصوفية والمتفرد فى زمنه بالمعارف السنية سيدى تقى الدين أبو الحسن على بن عبد الله الذى ينتهى نسبه إلى الإمام الحسين السبط رضى الله عنهم جميعا، وهو صاحب الطريقة الشاذلية بشارتها الصفراء التى ترمز إلى علوم الأسماء الإلهية.
والمسجد مقام على مساحة 7 آلاف متر وبجوار المقام، ويتواجد فيه عدد من الساحات، ومن أشهر الساحات الموجودة بالمنطقة ساحة الحاجة زكية، والساحة الأحمدية، وساحة الأشراف، وساحة السادة الرفاعية، والمرغنية، وأولاد الشيخ عبدالسلام، والسلمانية، والبرهامية الشاذلية، بالإضافة إلى حلقات الذكر بجوار المقام وداخل الساحات.
وتذكر الروايات التاريخية حول أسباب دفن الشيخ أبو الحسن الشاذلى فى هذه المنطقة الصحراوية النائية أنه كان طريقه لأداء فريضة الحج عن طريق ميناء عيذاب إلا أن روحه صعدت للسماء بمنطقة حميثرة وتم دفنه بها وأصبحت منطقة حميثرة قبلة المتصوفين فى مصر والعالم العربى وولد العارف بالله أبو الحسن الشاذلى عام 571 هجرية ببلاد المغرب، وانتقل أبوالحسن إلى تونس، ولم يتجاوز العاشرة من عمره، وتتلمذ فى صغره على يد الإمام عبدالسلام بن مشيش فى المغرب، وكان له أثر فى حياته العلمية والصوفية، واعتكف بجبل زغوان فى تونس، ثم رحل إلى مصر وأقام بالإسكندرية، حيث تزوج وأنجب أولاده شهاب الدين أحمد، وأبو الحسن على، وأبوعبدالله محمد، وابنته زينب فى الإسكندرية، وأصبح له أتباع ومريدون، وانتشرت طريقته فى مصر بعد ذلك، وانتشر صيته على أنه من أقطاب الصوفية فى العالم، حتى وافته المنية سنة 656 هجرية، وعندما كان فى طريقه إلى وادى «حميثرة»، وكان يردد إلى أحد تلاميذه حين أمره بحمل فأس ومقطف خلال رحلة الحج، عندما سأله لماذا فكان يردد الإجابة «عند حميثرة سوف ترى»، وتوفى بالفعل فى وادى «حميثرة» ودفن بها ومازال قبره موجودا بهذه المنطقة التى سكنها أبناء قبيلة العبابدة.