حركة الدفاع عن الأزهر والكنيسة تنعى شيخ المطارنة: رحيل القائد الروحي والراعي الأمين

بقلوب تنبض بالحزن والأسى، نعت حركة الدفاع عن الأزهر والكنيسة رحيل نيافة الأنبا باخوميوس، الرجل الذي تجسدت فيه الحكمة والقيادة الروحية، والذي حمل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في قلبه وعقله طوال عقود، فكان صخرة صلبة في وجه التحديات، وملجأً آمنًا لأبنائها في أشد الأوقات صعوبة.

رحيل الأب الحكيم الذي لم يعرف يومًا معنى الراحة

لم يكن الأنبا باخوميوس مجرد مطران أو مسؤول كنسي، بل كان أبًا روحيًا وأيقونة مضيئة في تاريخ الكنيسة القبطية. عاش عمره متجردًا من كل شيء، متفرغًا بالكامل لخدمة الكنيسة، لا يكلّ ولا يملّ من حمل هموم شعبه، حاضرًا في أفراحهم وأحزانهم، مؤمنًا بأن الرعاية الكنسية ليست وظيفة، بل رسالة مقدسة تستوجب أن يذوب الإنسان في خدمة الآخرين.

الراعي الصالح الذي حمل الكنيسة في أحلك الظروف

حينما غاب قداسة البابا شنودة الثالث، ووجدت الكنيسة نفسها أمام فراغ كبير، كان الأنبا باخوميوس القائد الحكيم الذي نهض بالمسؤولية دون تردد، فحمل الكنيسة على كتفيه، وأدار المرحلة الانتقالية بكل أمانة واتزان، حتى لحظة اختيار قداسة البابا تواضروس الثاني من خلال القرعة الهيكلية. لم يكن يسعى إلى مجد شخصي، بل كان همه الأول أن تعبر الكنيسة تلك الفترة بأمان واستقرار، وهذا ما تحقق بالفعل بفضل حكمته وإخلاصه.

شيخ المطارنة وصوت الحكمة الذي أنار دروب الكنيسة

كان نيافته مرجعًا لكل أبناء الكنيسة، صغارًا وكبارًا، أساقفة وكهنة، علماء وبسطاء، الجميع كان يلجأ إليه عندما تضطرب الأمور، فقد كان بمثابة العقل المدبر والحكيم الذي لا ينطق إلا بما فيه خير الكنيسة وسلامها. لم يعرف يومًا التحيز أو التصلب في الرأي، بل كان دائمًا يحمل همّ الجميع، ويسعى لوحدة الصف ولمّ الشمل.

البطريرك بلا رقم… لكنه محفور في التاريخ

رغم أنه لم يكن يحمل لقب “البابا”، إلا أن الكنيسة ستظل تذكره كواحد من أهم القادة الروحيين في تاريخها، فهو الرجل الذي أدار الكنيسة لمدة ثمانية أشهر، وسُمي بـالقائم مقام البطريرك، وكان شيخ المطارنة الذي يرجع إليه الجميع في الملمات، والمطران الحكيم الذي حظي بلقب “البطريرك بلا رقم”، لأنه عاش يحمل مسؤوليات البطريركية دون أن يُسجَّل اسمه بين البطاركة رسميًا.

رجل الوحدة… الذي لم يفرق بين أحد

لم يكن الأنبا باخوميوس مجرد أسقف لإيبارشية أو مسؤول في الكنيسة، بل كان شخصية وطنية تحمل محبة مصر في قلبها، فلم يكن يرى اختلافًا بين أبنائها، ولم يكن يُفرّق بين مسلم ومسيحي، بل كان يؤمن أن الجميع أبناء وطن واحد، وأن المحبة هي الرسالة الأعظم التي يجب أن نحيا بها.

الراعي الذي ترك إرثًا حيًا في القلوب

ليس كل الراحلين يغيبون… بعضهم يبقى حيًا في ذاكرة الأجيال، في تعاليمه، في حكمته، في محبته التي زرعها بين الناس، والأنبا باخوميوس كان من هؤلاء. فبرغم فراقه الجسدي، سيظل حيًا في وجدان الكنيسة، وستبقى مآثره شاهدة على رجل نذر حياته لخدمة الله والناس، وترك بصمة لا تُمحى في سجل التاريخ الكنسي.

رحل الجسد… وبقيت الروح حاضرة في الكنيسة

اليوم، تبكي الكنيسة راعيها، وتبكي مصر أحد رجالاتها العظماء، لكن عزاءنا أنه لم يكن يومًا رجلًا عاديًا، بل كان رمزًا خالدًا سيظل نور حكمته يشعّ في كل قلب لمسَه بكلماته أو برعايته أو بصلاة رفعها من أجله يومًا ما. سلامٌ لروحك الطاهرة، يا من كنتَ نورًا في ظلمة، وملجأً في المحن، ورمزًا خالدًا للعطاء والمحبة.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى