كتب – صموئيل العشاي:
«باجور الجاز» لم يستطع تسوية «اللحمة» قبل الإفطار
أكد الشاعر عمر بطيشة أن شهر رمضان يعنى بالنسبة له «العائلة واللمة»، وأن الأجواء الروحانية التى تحيط بالشهر الكريم لن نجدها سوى فى شوارع مصر وأحيائها، ويتذكر الإذاعى الكبير المحطات الرمضانية المهمة التى مر بها سواء كان شاعراً أو رئيساً للإذاعة المصرية، وقال فى حواره لـ«الوطن» إنه التحق بالإذاعة فى عصرها الذهبى بعد نجاحه فى اختبارات المذيعين عام 1965، وأنه تتلمذ على أيدى العديد من رواد العمل الإذاعى فى ذلك الحين ونهل من أعمالهم الرائدة، مثل صفية المهندس وبابا شارو، مشيراً إلى أن الإذاعى الكبير فهمى عمر هو أول من تبناه فى الإذاعة.
رئيس الإذاعة الأسبق: بدأت الصيام فى سن 8 سنوات.. وعشقت مشهد انطلاق المدفع على الطبيعة
ماذا يعنى لك شهر رمضان؟
- يعنى العائلة واللمة، والأجواء الجميلة التى تسود مصر بجميع شوارعها وأحيائها، وفى مدينتى دمنهور كان لى الكثير من الأصدقاء هناك، وكنا نجتمع قبل مدفع الإفطار ونذهب إلى أحد ملاعب كرة القدم بالمدينة، الذى كان يوجد فيه المدفع، وكنا نقف بجواره حتى يتم إطلاقه، وبعد ذلك ننطلق أنا وأصدقائى فى شوارع دمنهور حتى يصل كل واحد إلى منزله، وبعد الإفطار نتجمع مجدداً للعب بالفوانيس وإطلاق الصواريخ.
متى بدأت الصيام فى الشهر الكريم؟
- محاولاتى الأولى مع الصيام كانت عندما كان عمرى 6 سنوات، وكنت أستيقظ قبل الفجر من أجل السحور مع عائلتى، ولكن مع بداية النهار كنت أطالب بالإفطار اليومى، وعندما بلغت 8 سنوات، بدأت مرحلة الصيام الفعلى وسط تشجيع كامل من العائلة.
متى انتقلت إلى القاهرة؟
- مطلع عام 1965 عندما قدمت فى اختبارات المذيعين بالإذاعة المصرية، التى كان مقرها فى ذلك الوقت بشارع «الشريفين» بوسط القاهرة، وبعد قبولى مذيعاً انتقلت فعلياً للقاهرة، حيث بدأت معاناتى فى العيش وحيداً، لمدة 5 سنوات تنقلت فيها بين السكن فى الحجرات المفروشة وغرف الفنادق بقيمة 7 جنيهات فى الشهر، وكانت هذه الفترة من أصعب فترات حياتى، لأننى لم أكن أحب العيش وحيداً، وكان حسن حامد، رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون الأسبق، من أقرب أصدقائى فى مدينة القاهرة، ومع نهاية عام 69 تزوجت إحدى زميلاتى بكلية الآداب، وبدأت مرحلة جديدة فى حياتى.
هل تذكر الأساتذة الذين تتلمذت على أيديهم فى الإذاعة؟
- بالطبع، وأبرزهم كان الإذاعى الكبير فهمى عمر الذى أعتبره أستاذى ومعلمى الأول، وكنت وما زلت أعتبره أبى الروحى، وتعاملت أيضاً مع العظماء صفية المهندس وسامية صادق وبابا شارو، وكانوا شخصيات تعلقت بهم من خلال برامجهم على الشبكات الإذاعية المختلفة، وفيما بعد شاركتهم فى جميع البرامج التى كانوا يقدمونها، وكانوا يضعون ثقتهم بى لدرجة أنهم كانوا يسندون لى تقديم برامجهم أثناء سفرهم داخل وخارج مصر.
ما حكاية أول عزومة إفطار فى منزلك بعد الزواج؟
- كانت مع فايزة أحمد ومحمد سلطان، ولم تكن عزومة بالمعنى المعروف، حيث إنهما كانا يسجلان أغنية فى استوديوهات الإذاعة، ومع اقتراب موعد مدفع الإفطار «عزمت عليهم» أن يأتيا للإفطار معى فى منزلى، فسارعت بشراء «لحمة» من أحد المحالات القريبة من مبنى ماسبيرو، وذهبنا إلى المنزل، وفوجئت زوجتى بوجودهما معى، فسارعت لبدء تجهيز «اللحمة» على «باجور الجاز» حيث لم يكن لدينا «بوتاجاز» فى ذلك الوقت، ومع الأسف المدفع ضرب ولم ننته من إعداد اللحم وتجهيز الطعام، وكانت فايزة أحمد جائعة جداً، وأنا وزوجتى كنا فى غاية الخجل، حتى قالت «فايزة»: «عندكم فول؟»، قالت زوجتى: «نعم فيه فول السحور»، فقالت: «هاتوا الفول»، وبالفعل كان الفطار عبارة عن فول، وفى اليوم الثانى قامت فايزة أحمد بسرد هذا الموقف أمام صفية المهندس وعدد من قيادات الإذاعة المصرية، وقالت لهم: «عمر بطيشة إنسان شريف فطرنى فول»، وكانت هذه أول وآخر عزومة لفايزة أحمد معى.
ما أشهر البرامج التى قدمتها فى رمضان؟
- سبق وقدمت عدداً كبيراً من البرامج فى رمضان وذلك على مدار مشوارى الإذاعى الطويل، حيث ظلت برامجى على إذاعة البرنامج العام لأكثر من 25 عاماً أثناء فترة الإفطار، أما أكثر الفترات التى تعج بالذكريات، فهى الفترة الذى كنت أقدم فيها «فوازير رمضان»، بدلاً من الإذاعية الراحلة آمال فهمى عندما تم منعها فى فترة السبعينات، وأسند لى تقديم برامجها «على الناصية» و«الفوازير»، فقمت باختيار الفنانة «شادية» وقمنا بالفعل بتقديم 9 حلقات من الفوازير فى رمضان 1973، وفى يوم العاشر من رمضان وبعد إعلان بيان العبور تم إلغاء جميع البرامج فقمت بالاتصال بشادية وأبلغتها أن الجيش المصرى عبر القناة، وقلت لها إن البرامج تم إيقافها لمتابعة بيانات القوات المسلحة، فقالت لى: «مش مهم إيقاف البرامج المهم إننا عبرنا الهزيمة»، وفى اليوم الثانى 11 رمضان اتفقت شادية مع الشاعر عبدالرحيم منصور والملحن بليغ حمدى على كتابة أغنية «عبرنا الهزيمة». وهناك أيضاً برنامج الأقرب إلى قلبى وهو «أهل القرآن» والذى استضفت فيه كبار قارئى القرآن فى مصر مثل محمود على البنا، وعبدالباسط عبدالصمد، والدكتور أحمد نعينع، ونجل الشيخ محمد رفعت.
تقاضيت 45 جنيهاً مقابل أولى أغنياتى.. وكتبت «بتونس بيك» لـ«وردة» فى الشهر الكريم.. وعمار الشريعى وسيد مكاوى الأقرب إلى قلبى.. وفهمى عمر تبنانى وهو أستاذى الأول
وما آخر برامجك الإذاعية؟
- كان برنامج «استراحة محارب»، كان أيضاً على الإفطار فى رمضان، وبعد ذلك عملت لمدة ثلاث سنوات فى إذاعة نجوم FM وكنت الأول فى الإذاعة المصرية الذى ينتقل للعمل فى إذاعة خاصة.
هل هناك أغنية قمت بكتابتها فى رمضان؟
- نعم أغنية «بتونس بيك» للفنانة الكبيرة وردة، حيث قمت بكتابتها فى الشهر الكريم، وتم غناؤها أيضاً فى رمضان، وحققت شعبية كبيرة، خاصة بعد أن قامت وردة بغنائها على مسرح «أولمبيا» بباريس، وحتى الآن تعتبر من أكثر الأغنيات المصرية توزيعاً فى المبيعات والأداء العلنى، كذلك أغنية «حرمت أحبك» وذلك حسب بيانات «جمعية المؤلفين». كما ارتبط رمضان معى أيضاً بالعديد من الأدعية الدينية التى قمت بكتابتها ولحنها وغناها عدد كبير جداً من المطربين مثل مدحت صالح، وهانى شاكر، وعلى الحجار، وتلحين محمد سلطان.
من أكثر الملحنين الذين عملت معهم؟
- الراحل عمار الشريعى، حيث كان يتصل بى ثلاث مرات يومياً للاطمئنان علىّ، وعملت معه فيما يقرب من 60 أغنية قام بغنائها عدد كبير من المطربين المصريين والعرب، ونفس الشىء مع الراحل سيد مكاوى، حيث كنت أطلق عليه لقب «الملك»، وكان متواضعاً جداً، والاثنان من أقرب الأصدقاء إلى قلبى.
وبالنسبة للمطربين؟
- عشقت التعامل مع الراحلة فايزة أحمد، حيث قامت بغناء العديد من الألبومات الغنائية من أعمالى، وأيضاً الفنانة الكبيرة ميادة الحناوى، التى كانت أكثر من غنى كلماتى بأحاسيس عالية، وعرفنى بها الملحن فاروق سلامة حيث كانت تقطن فى إحدى الشقق المفروشة بمنطقة المنيل، وظل التعاون معى حتى بعد أن تم ترحيلها من مصر ومنعها من دخول البلاد طوال فترة حكم «السادات»، وفى تلك الفترة كان التعاون مستمراً بيننا، حيث كان يتم تسجيل الأغانى فى أحد استوديوهات اليونان، ومع بداية عهد «مبارك» عادت «الحناوى» مرة أخرى إلى مصر.