🔴 في مايو 2023، شنت روسيا هجومًا صاروخيًا كبيرًا على كييف بهدف تدمير منظومة باتريوت الأمريكية التي وصلت مؤخرًا لتشكل مظلة دفاعية جوية للعاصمة. في 16 مايو، أطلقت روسيا هذا الهجوم الذي تضمن رشقة مدفعية صاروخية شملت صواريخ كينجال الأسرع من الصوت بعشرة أضعاف، والتي أُطلقت من قاذفات جوية، وصواريخ كاليبر الجوالة التي أُطلقت من سفن بحرية، وصواريخ إسكندر إم الباليستية من منصات برية. نجحت روسيا في تدمير أول منظومة باتريوت أمريكية بصواريخ أسرع من الصوت، ولكن تكلفة الهجوم الصاروخي الواحد كانت باهظة، حيث كلفت موسكو على الأقل 100 مليون دولار، وهي تكلفة الصواريخ المستخدمة، وهو مبلغ كبير بالنظر إلى استمرار الحرب في أوكرانيا وطول أمدها.
🔴 وهنا بدأت قصة واحدة من أخطر الأسلحة الفتاكة الجديدة في أوكرانيا، والتي تكلفتها مئات الدولارات فقط لكنها تستطيع تدمير أسلحة بمئات الملايين. هذه الأسلحة هي أسراب مسيرات FPV درون، التي دمرت مئات الدبابات والمقاتلات والقاذفات على الأرض، ومنظومات الدفاع الجوي وتشكيلات المشاة، تقريبًا لم تترك شيئًا في ميدان الحرب إلا وهاجمته بنجاح.
ما قصة هذا السلاح الجديد؟ وكيف أصبح السلاح المفضل لدى كل الأطراف المتحاربة؟ وكيف يمكن لدبابة تكلف عشرات الملايين أن تتحول إلى حطام بسبب مسيرة إف بي في درونز التي تكلف من 300 إلى 600 دولار فقط؟ وكيف استعد الجيش المصري لهذا السلاح الجديد منذ فترة طويلة؟
🔴 في البداية، يجب أن نسأل: كيف تشهد الحرب في أوكرانيا استخدام أحدث أنواع الأسلحة، بينما تشهد في الوقت نفسه معارك غاية في البدائية مثل معارك الخنادق التي تشبه معارك الحرب العالمية الأولى؟ الإجابة ببساطة تكمن في عدم قدرة أي طرف في الحرب على حسم السيطرة الجوية، مما أدى إلى انتشار نمط حروب الخنادق خاصة في شرق أوكرانيا. في هذا النوع من القتال، تكون الحاجة للأسلحة التكتيكية الخفيفة أولوية، وهنا تأتي أهمية المسيرات الخفيفة أكثر من الصواريخ الباليستية أو الفرط صوتية.
لهذا، اتجهت كل من روسيا وأوكرانيا إلى تطوير مسيرات FPV، وهي مسيرات كوادكوبتر عادية صغيرة الحجم يتم تحميلها بقنابل يدوية أو قذائف مضادة للدروع، ثم تطلق لمهاجمة أهدافها بمرونة عالية. مدى المسيرات يصل إلى عشرة كيلومترات، وما يميزها هو قدرتها على المناورة والطيران حول الهدف، بالإضافة إلى قدرة الأوبريتور أو المشغل على قيادتها بواسطة نظارة الواقع المعزز، كأنها لعبة فيديو، مع تحكم عن بعد وذكاء اصطناعي. بالإضافة إلى ذلك، فإن تكلفتها لا تتجاوز بضع مئات الدولارات، وتستطيع الدخول إلى الخنادق والمنازل وأضيق الممرات.
هذا السلاح الفتاك أثبت كفاءة عالية في المعركة، حيث يمكن لمسيرة تكلف 300 دولار مهاجمة الخنادق والمنازل والتحصينات والدبابات ومطاردة الجنود، وهو ما لا يمكن للصواريخ الجوالة التي تكلف الملايين تحقيقه. وأظهرت تقارير أن روسيا تنتج حوالي 300 ألف مسيرة FPV شهريًا، في حين أنتجت أوكرانيا حوالي 200 ألف مسيرة في أول شهرين من عام 2024.
🔴 الآن نصل إلى الموضوع المهم: لماذا اهتم الجيش المصري بشكل كبير بتطوير أسلحة محلية لمواجهة المسيرات الصغيرة حتى قبل اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا؟ هذا يظهر استعداد الجيش المصري للحروب الحديثة وقدرته على التنبؤ بما سيحدث في شرق أوروبا. الجيش المصري طور أسلحة بمكونات محلية لمواجهة المسيرات الحديثة، ومن ضمنها:
🔴 عائلة منظومات حارس للتصدي وتدمير الدرونز الصغيرة: تتكون من 5 آليات، كل آلية تتولى مواجهة الدرونز بطريقة مختلفة ومتكاملة مع الآليات الأخرى. على سبيل المثال، منظومة حارس-1 يتم تحميلها على سيارة فان، وتمتلك رادار ثلاثي الأبعاد يصل مداه إلى 7 كم، ولديها قدرات إعاقة على أنظمة GNSS بمدى يصل إلى 5 كم، ومنظومة إعاقة أنظمة GPS بمدى 1 كم، وقدرات إعاقة على وصلات البيانات بمدى 4 كم. منظومة حارس-2 مركبة على ناقلة الجند المدرعة فهد، لاكتشاف الطائرات المسيرة واختيار وسيلة التصدي لها من خلال منظومة رصد كهروبصرية ورادار ثنائي الأبعاد. منظومة حارس-3 مركبة على مدرعة تمساح ST-500، لاكتشاف المسيرات من على بعد 5 كم بواسطة رادار ثنائي الأبعاد، ومدفع رشاش عيار 12.7 ملم، وأنظمة إعاقة وتشويش على وصلات البيانات. منظومة حارس-4 تشبه منظومتي حارس-2 و3، مع اختلاف أنظمة الرصد الكهروبصرية لاكتشاف الطائرات المسيرة الصغيرة ومتناهية الصغر. أما منظومة حارس-5، فهي منظومة محمولة على الأكتاف، مخصصة لاستخدام الجنود المشاة، وتتمتع بمدى رصد كهروبصري يصل إلى 1 كم، وبندقية إعاقة موجهة بمدى 1.5 كم.
🔴 أحدث الوحدات المنضمة لمواجهة أسراب الدرونز هي منظومة الطاقة الموجهة أو النبضة الكهرومغناطيسية عالية القدرة، التي تم عرضها في معرض إيديكس الأخير. هذه المنظومة قادرة على تعطيل أسراب الدرونز أو أي معدات إلكترونية في نطاق 1 كم، وتستطيع إسقاط أي عدد من أسراب الدرونز في لحظات.
🔴 من الصفقات الأخيرة التي تم الإعلان عنها أيضًا هي صفقة المدفع الألماني سكاي رينجر ذاتي الحركة، وهو من أحدث ما أنتجته ألمانيا للدفاع الجوي قصير المدى، حيث يمكنه إطلاق أكثر من 120 قذيفة في الدقيقة والتعامل مع 80 هدفًا في نفس الوقت.
🔴 كشف الجيش المصري في معرض إيديكس 2021 عن جهاز DJ400، الذي تم تصنيعه بالتعاون بين إدارة الحرب الإلكترونية والهيئة العربية للتصنيع. يقوم الجهاز بإعاقة وسائل التحكم بالطائرات المسيرة التي تُدار بالأقمار الصناعية، ويؤمن دائرة نصف قطرها 7000 متر، ويستخدم لحماية المنشآت الحيوية والحدود من اختراقات المسيرات.
🔴 كل هذا يوضح لماذا تُعتبر منظومة الدفاع الجوي المصرية من أعقد المنظومات الدفاعية في العالم، ومواكبة لأحدث التطورات. في النهاية، يبرز استعداد الجيش المصري لتصنيع أسلحة محلية للهجوم والدفاع لتلبية متطلبات الحروب الحديثة، وهذا قبل اندلاعها حتى في أوروبا. حفظ الله مصر من كل سوء، وجعلها كما تستحق أمة عظمى بين الأمم.
لمشاهدة الحلقة كاملة للمزيد من التفاصيل: youtu.be/hpVcXBeSEQw