في وداع والد القاضي والضابط… مصر تشهد عزاءً مهيبًا لعائلة كرّست حياتها لخدمة الوطن
في لحظة امتزج فيها الحزن بالفخر، شهدت مصر وداعًا مؤلمًا ومهيبًا للسيد عثمان يوسف، والد المستشار سامح عثمان، واللواء محمد عثمان. عزاءٌ امتدّ في ملامحه من الحزن العميق إلى التقدير الصامت، واستحضار سنوات طويلة من العطاء والصبر، في ظل حضور حاشد لقامات وطنية، وأركان الدولة، وكبار رجال القضاء، وقيادات الجهات السيادية، والسلك الدبلوماسي، جاءوا جميعًا ليقولوا كلمة وفاء في رجل أنجب أبناءً حملوا لواء الوطن في ميادين العدالة والأمن.
تقدّم صفوف الحضور المستشار محمد سيد نصر، رئيس محكمة استئناف القاهرة ورئيس مجلس رؤساء الاستئناف، الذي ظهر عليه التأثر الشديد وهو يواسي زميله في هذا المصاب الجلل، مشاركًا الأسرة لحظة ألم ممزوجة بكرامة الصبر وجلال الرحيل. كما حضر المستشار علي الهواري، رئيس المكتب الفني لمحكمة استئناف القاهرة، والمستشار عمرو فاروق، مدير إدارة التفتيش بالنيابة العامة، وقد بدا عليهما الحزن العميق، وهما يعبّران عن تضامن رجال العدالة في هذا الموقف الإنساني النبيل، مؤكدين أن مثل هذه الأسر الوطنية تمثّل دعامة أساسية في مؤسسات الدولة.
وغصّت قاعة العزاء كذلك بحضور مستمر ومهيب من رموز القضاء، يتقدّمهم المستشار طارق أبو زيد، عضو المكتب الفني للنائب العام، والمستشار حسام الطماوي، والمستشار أحمد قتلان، رئيس محكمة استئناف أسيوط، الذين حضروا بروح من الوفاء والتقدير، مؤكدين أن العزاء لا يقتصر على فقد والد، بل هو وداع لرجلٍ خلّف وراءه نموذجًا مشرّفًا في تربية الأبناء وتقديمهم في الصفوف الأمامية لخدمة الوطن.
ومن بين الحضور، حضرت المستشارة مروة بركات، نجلة النائب العام الشهيد هشام بركات، تحمل في عينيها مزيجًا من المواساة والوفاء، في صورة مؤثرة جمعت بين أبناء الشهداء ورجال المواقف، في لحظة ألم تنطق بصدق الروح القضائية، وعمق الانتماء الوطني.
وشهد العزاء حضورًا لافتًا من رجال القوات المسلحة، وقيادات الجهات السيادية العليا، وأعضاء السلك الدبلوماسي المصري والأجنبي، ما عكس حجم التقدير والاحترام الذي تحظى به هذه العائلة في كافة دوائر الدولة. كلمات المواساة لم تكن مجرد مجاملات رسمية، بل كانت عبارات من القلب، تنطق بها نظرات رجال أدركوا قيمة الرحيل، وأهمية التكريم.
لم يكن الحزن الذي خيّم على القاعة عابرًا، بل كان صادقًا ومفعمًا بالتقدير، فالفقيد لم يكن شخصية عامة، لكنه كان أبًا لعائلة أعطت الوطن من خيرة أبنائها. جلس الحاضرون في صمت، تحيطهم مشاعر التأثر والرهبة، بينما انسابت الدموع على وجوه بعضهم وهم يستحضرون رحلة هذا الأب الصامت الذي ربّى أبناءه على الوطنية، والعمل الصادق، دون ضجيج أو شهرة.
إنّ هذا الحضور الرفيع من قيادات الدولة ورجالها يُعد أصدق تكريم لرجلٍ لم يبحث عن الأضواء، بل تركها تشرق من سيرة أبنائه، في القضاء والجيش، في القانون والوطن. وقد حملت قاعة العزاء مشاعر نبيلة، وجسّدت حالة من الوفاء المتبادل بين الدولة وأبنائها، إذ جاء الجميع ليقولوا كلمة واحدة: شكرًا لهذا الأب الذي ربّى رجالًا بأوزان وطنية ثقيلة.
وفي ختام المشهد، لا نملك إلا أن نرفع القلوب بالدعاء، أن يتغمّد الله الفقيد برحمته الواسعة، ويسكنه فسيح جناته مع الأبرار والصديقين، وأن يُلهم أبناءه وأسرته وذويه الصبر الجميل.
رحم الله الفقيد… وأبقى سيرته عطرة في القلوب والأذهان.