ندى مغيث: رمز الصمود والحب في مواجهة الألم
في رسالة تحمل مشاعر عميقة وأمل لا ينضب، كتبت الكاتبة الصحفية الكبيرة خيرية شعلان رسالة إلى روح زوجها الراحل، الصحفي والنقابي القدير رجائي الميرغني . الرسالة لم تكن مجرد كلمات تذكارية لرفيق دربها، بل كانت نافذة تطل على قصة إنسانية مليئة بالتحديات والألم، وهي قصة ندى مغيث، ابنة المفكر الكبير الدكتور كمال مغيث، التي تعيش واحدة من أصعب فصول حياتها بعد سجن زوجها الفنان والصحفي أشرف عمر.
“ندى… بنت جميلة وخطفت قلبي”
تبدأ خيرية شعلان رسالتها بالتعريف بندى مغيث، الفتاة التي خطفت قلبها منذ اللحظة الأولى لرؤيتها. ندى، التي لم تعرفها خيرية شخصيًا من قبل، لكنها تعرف والدها، الدكتور كمال مغيث، العالم والمفكر المعروف بمواقفه الوطنية المخلصة. هذا الوالد الذي لطالما عُرف بحكمته وثقافته، يبدو أنه قد نقل إلى ابنته تلك السمات القوية التي تميزها.
ندى لم تخطف قلب خيرية فقط، بل جعلتها تتعاطف معها بكل قوة، خاصة بعد أن علمت أن زوجها، الفنان والصحفي أشرف عمر، قد سُجن عقابًا له لأنه مبدع. هنا، تظهر ندى كرمز للتحدي والصمود في مواجهة محنة كبيرة، حيث وُضعت بين خيارين قاسيين: زوجها أم الوطن. لكن، كما تقول خيرية، ندى لم تختار بينهما، بل استمرت في حبها لكليهما، متحملةً ألمًا عميقًا فرض عليها.
“حيرة بين الزوج والوطن”
ما يميز قصة ندى مغيث هو أنها لم تجد نفسها في صراع عادي. بعد سجن زوجها، أُجبرت على الاختيار بين حبها لزوجها وحبها لوطنها، وهي معضلة مؤلمة لا يعرفها إلا من عاشها. لكنها، كما تقول خيرية شعلان، لم تفرط في حبها لأي منهما. ندى تحملت هذا الألم بصبر واحتساب، محافظًة على حبها لزوجها رغم الظروف، وفي الوقت نفسه بقيت على وفائها لوطنها.
تصف خيرية معاناة ندى بأنها لم تكن مجرد ألم شخصي، بل كانت طعنة أصابت قلبها “الأخصر البريء”، قلب مليء بالحياة والبراءة، لكن الظروف أجبرته على مواجهة قسوة لم تكن تستحقها.
“التضامن الإنساني والرسالة العميقة”
تعبّر خيرية عن أسفها العميق لعدم قدرتها على لقاء ندى شخصيًا ودعمها في هذه المحنة بسبب ظروفها الصحية المتكررة. تقول: “حرمتني ظروفي الصحية ووعكاتي المتكررة أن ألقاها وأخذها في حضني”، مما يعكس مدى الحزن الذي شعرت به لعدم قدرتها على تقديم الدعم المباشر لندى.
لكن حتى من بعيد، أرسلت خيرية رسالة مليئة بالأمل والتعاطف. في رسالتها، وعدت ندى بأن الأيام الصعبة لن تدوم، وأن الفرح سيعود قريبًا إلى حياتها. خيرية تبعث برسالة تفاؤل مؤكدةً أن الصبر والصمود هما السبيل الوحيد لتجاوز المحن. تقول لندى: “ستفرحين قريبًا وسنحتفل بعودة أشرف وستتسع ابتسامتك”.
“الأمل في المستقبل”
ما يميز هذه الرسالة ليس فقط التعبير عن المشاعر، ولكن الأمل الذي تزرعه خيرية في قلب ندى مغيث. فهي لا تعدها فقط بأن تعود الابتسامة إلى وجهها، بل تعدها بأن الأحداث المؤلمة التي تعيشها اليوم ستتحول في المستقبل إلى مجرد ذكريات. تلك الذكريات ستصبح يومًا ما قصصًا تحكيها لأولادها وأحفادها، وستكون هدية تقدمها لمن يمر بمثل تلك المحن ليجد في صمودها درسًا ودعمًا.
“ندى… الابنة التي تشبه والدها”
في ختام الرسالة، تعود خيرية للحديث عن الدكتور كمال مغيث، والد ندى، مؤكدةً أن ندى هي “حتة منه”. هذا التعبير الذي يجمع بين الفخر والإشادة، يعكس إيمان خيرية بأن ندى قد ورثت من والدها تلك القوة والجدعنة التي تعرفها الناس عن الدكتور كمال.
ندى مغيث لم تكن فقط ابنة مفكر وعالم، بل أصبحت هي نفسها رمزًا للصمود والقوة في مواجهة الألم والظلم. شخصيتها القوية وقدرتها على تحمل المحن جعلتها تستحق الإشادة من الجميع، بما في ذلك الكاتبة الكبيرة خيرية شعلان.
“رسالة حب وأمل مستمرة”
رسالة خيرية شعلان إلى زوجها الراحل لم تكن مجرد تذكار لزوجها، بل كانت رسالة حب وأمل إلى ندى مغيث، وإلى كل من يواجه ظروفًا صعبة في حياته. من خلال كلماتها المؤثرة، قدمت لنا خيرية درسًا في كيفية التعامل مع المحن. فرغم كل الألم، كانت رسالة الأمل والتفاؤل هي الرسالة الأقوى.
“الدكتور كمال مغيث: الأب والمفكر”
في النهاية، لا يمكن تجاهل الدور الكبير الذي لعبه الدكتور كمال مغيث في تكوين شخصية ندى. فوالدها لم يكن فقط عالمًا محترمًا في مجاله، بل كان أيضًا أبًا نقل إلى ابنته القيم التي جعلتها تتجاوز هذه المحنة بقوة. الدكتور كمال، الذي طالما كان نموذجًا للتفاني في حب الوطن والعلم، يظهر من خلال ندى مغيث كمثال حي على تأثير التربية والثقافة في مواجهة التحديات.
“الخاتمة”
تظل قصة ندى مغيث قصة مفعمة بالأمل والقوة. من خلال كلمات خيرية شعلان، نتعرف على نموذج للمرأة المصرية التي تقف بشموخ في وجه المحن، وتستمر في حبها ودعمها لكل من حولها. ندى مغيث لم تختر بين زوجها ووطنها، بل اختارت أن تحب وتدعم الاثنين، وتتحمل الألم بثبات.