أثناء احتفالنا السنوي برأس السنة المصرية 6266، شعرت بدفء مشاعر لا يوصف. كأن القدر جمعنا جميعًا تحت مظلة حب الوطن، كلنا مصريون، لا فرق بين قبطي ومسلم، يجمعنا تاريخ طويل من التعايش والمحبة. طلبت من المستشار سامي حرك، منظم الاحتفال، أن يكون احتفالنا برأس السنة المصرية ليس مجرد تذكار، بل رمزًا لوحدة الشعب المصري بأكمله. اقترحت أن يشمل الاحتفال أيضًا رأس السنة القبطية وعيد النيروز، بل والمولد النبوي الشريف، ليكون تعبيرًا حقيقيًا عن التلاحم الوطني.
أحضرت معي علبة حلوى اشتريتها خصيصًا من إحدى الشركات التي قدمت للصحفيين علبة حلوى فاخرة بسعر مخفض، بعد أن رأيت الأسعار تتجاوز آلاف الجنيهات في محلات وسط القاهرة. شعرت أن هذه اللحظة كانت تدبيرًا ربانيًا لزيادة المحبة بين المصريين، كما قال الله في أشعياء النبي: “مبارك شعبي مصر”. هذا الاحتفال، بتنوعه وجماله، لم يكن مجرد مناسبة، بل تجسيدًا للمحبة التي زرعها الله في قلوبنا نحن المصريين.
سعدت ذلك اليوم بمشاركة عدد كبير من الزملاء الصحفيين والمثقفين، وأساتذتنا الأعزاء الذين حضروا لإحياء هذه الذكرى. كانت الأجواء مليئة بالفرح، والابتسامات لم تفارق الوجوه. وفجأة، سألني أحد الزملاء: “لماذا تحتفل بالمولد النبوي الشريف مع أنك قبطي؟”
ابتسمت وأجبته بروح ملؤها الحب: “هناك أسباب عديدة تجعلني أحتفل بالمولد النبوي معكم. أولاً، لأن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أوصى بأقباط مصر خيرًا، حيث قال: ‘استوصوا بأقباط مصر خيرًا فإن لهم ذمة ورحمًا.’ هذه الكلمات تحمل في طياتها رسائل نبيلة عن المحبة والرحمة التي دعا إليها الرسول تجاهنا. إنها وصية خالدة تربط بيننا منذ قرون، وتؤكد على علاقة إنسانية متجذرة في الاحترام والتعايش السلمي.
ثانيًا، لأن المولد النبوي ليس مجرد مناسبة دينية. بل هو احتفال مصري خالص يعبر عن وحدة أبناء هذا الوطن. في هذه المناسبة نشعر بأننا جزء من نسيج واحد، نشارك نفس الفرح ونحتفل بشخصية عظيمة تركت بصمة إنسانية لا تمحى. هذه اللحظات تعيد إلينا شعور الانتماء وتذكرنا بأن ما يجمعنا أكبر بكثير مما يفرقنا.
ثالثًا، المولد النبوي يمثل فرصة للتأمل في القيم الإنسانية التي توحدنا كمصريين، سواء كنا مسلمين أو مسيحيين. هو تذكير بأن المحبة والإخاء هما أساس حياتنا المشتركة، وأننا على مر التاريخ كنا دائمًا يدًا واحدة في مواجهة التحديات، نساند بعضنا البعض، ونتقاسم الأفراح والأحزان.”
هكذا كنت أرد، وأنا أستشعر دفء اللحظة، لأن هذه المناسبات لا تفرق بيننا، بل تجمعنا في حب هذا الوطن الذي نعتز به جميعًا، مسلمين وأقباطًا، كلنا مصريون، وكلنا نحتفل معًا بكل مناسبة تعيد إلينا إحساسنا العميق بالوحدة والمصير المشترك.