في قلب مهرجان الجونة السينمائي، كانت هناك لحظة سحرية، تتجاوز حدود الاحتفال وتلامس جوهر الإنسانية. فقد أعلن سميح ساويرس عن جائزة جديدة تحمل اسم الراحل خالد بشارة، تكريماً لرجل ترك بصمة لا تُمحى في عالم الأعمال، وليس فقط بإنجازاته، بل بالقيم والمبادئ التي عاش بها.
عندما تحدث سميح ساويرس عن خالد بشارة، لم يكن يتحدث عن تميز بشارة كأحد أفضل المهندسين أو أكثرهم براعة في مجاله. بل انتقل بالحديث إلى مستوى أعمق بكثير، حيث ركز على القيم التي شكلت جوهر بشارة كإنسان. تحدث عن سمعته الطيبة، نظافة يديه، وأمانته المطلقة، وهي أمور لا يمكن قياسها بالأرقام أو الإنجازات التقنية، ولكنها تشكل أسسًا حقيقية لنجاح حقيقي ومستدام.
خالد بشارة كان يؤمن أن أصعب نوع من الإدارة هو إدارة القلوب والنفوس، وهذا ما جعل من تصريحاته وأفكاره مصدر إلهام حقيقي. في إحدى المقابلات التلفزيونية، كشف بشارة عن فكرته العميقة: “سهل تغيير طريقة التفكير، سلوك ما، استراتيجية معينة. ولكن صعب جداً تغيير قلوب الناس ونفوسهم.” هذه الكلمات تحمل في طياتها رسالة قوية وعاطفية حول أهمية القيم الإنسانية في بناء بيئة عمل ناجحة.
ما يميز كلمات بشارة هو أنها تذكرنا بأن النجاح لا يأتي فقط من تحسين الأساليب أو تبني استراتيجيات جديدة، بل من القدرة على بناء علاقات قوية وصادقة بين الأفراد. النجاح يتطلب وجود روح من التعاون والاحترام بين الجميع. فإذا كان هناك فريق عمل يفتقر إلى الود والتفاهم، فإن أي خطة مهما كانت متطورة ستظل بلا قيمة. الموظف الذي لا يشعر بالتقدير من مديره، ومدير لا يقدّر موظفيه، لن يتمكنوا من تحقيق النجاح المنشود. هذا هو الدرس الأعمق الذي قدمه خالد بشارة لنا.
تحقيق النجاح ليس مجرد تحقيق أهداف رقمية، بل هو رحلة مليئة بالتحديات والفرص لتكوين روابط إنسانية قوية. خالد بشارة أظهر كيف يمكن تحويل الأزمات إلى فرص من خلال قيادته الفذة والإنسانية. فنجاحه في تحويل شركة “Wind Telefonia” من خسارة قدرها 285 مليون يورو في عام 2005 إلى مكسب قدره 850 مليون يورو في عام 2010 هو تجسيد حقيقي لهذا الفهم العميق. هذه الأرقام ليست مجرد بيانات مالية، بل هي شهادة على كيفية بناء فريق عمل متماسك وملهم.
من خلال رؤية خالد بشارة، نجد دعوة للتركيز على قيم الحب والاحترام في جميع جوانب حياتنا. يجب أن نختار الأشخاص الذين يمتلكون “موهبة الحب” – أولئك الذين يحبون أنفسهم ويحبون الآخرين. التعاون والتفاهم ليسا مجرد إضافات، بل هما الأساس الذي يبني عليه النجاح الحقيقي. فكلما زرعنا روح التعاون والاحترام، كلما أوجدنا بيئة عمل تدعم النمو والابتكار.
فلنتعلم من دروس خالد بشارة، ولنطبق القيم الإنسانية في حياتنا اليومية. النجاح ليس فقط في تحقيق الأهداف، بل في بناء علاقات قائمة على الاحترام والتقدير. لنكن من أولئك الذين يقدمون قلوبهم وأرواحهم في كل عمل نقوم به، ولنعزز من روح التعاون والإيجابية في كل خطوة نخطوها.
إن الاحتفال بخالد بشارة هو تذكير لنا بأن النجاح هو رحلة مليئة بالفرص لبناء روابط إنسانية قوية. لنجعل من حبنا وتقديرنا للآخرين أساسًا لكل عمل نقوم به. فلنكن دائمًا مصدر إلهام للآخرين، ونبني بيئة تشجع على التعاون والنجاح المتبادل. كما علمنا خالد بشارة، فإن النجاح هو انعكاس للقيم التي نعيش بها، وليس مجرد تحقيق الأرقام أو الأهداف.
لنأخذ من روح خالد بشارة مثالاً لنا في تقديم الدعم والإلهام، ولنبني على قيم التعاون والحب في كل تعاملاتنا. هذا هو الطريق الحقيقي للنجاح، الذي يتجاوز حدود الأرقام ليصل إلى قلوب الناس ويحقق النجاح المستدام والملهم. فلنستمر في نشر طاقة إيجابية، ونبني بيئة عمل تدعم النجاح الجماعي، لأن هذا هو ما يعزز من سعادة الإنسان ويحقق النجاح الحقيقي.