دوللي شاهين تعيد اكتشاف نفسها
دوللي شاهين تعيد اكتشاف نفسها عالميًا: ترتيلة “اليوم على خشبة الصليب” خطوة فنية وروحية في مساحات جديدة
كتب: فريق التحرير الفني
في مشهد فني لا يخلو من الجرأة والتجديد، طرحت النجمة اللبنانية دوللي شاهين ترتيلة جديدة بعنوان “اليوم على خشبة الصليب”، بمناسبة عيد القيامة المجيد، على موقع يوتيوب وكافة المنصات الموسيقية الرقمية. وجاءت الترتيلة كعلامة فارقة في مسيرة فنية بدأت بالغناء التجاري والسينما الخفيفة، لكنها تتجه اليوم نحو مساحات صوتية وروحية أعمق، ما يؤكد أن دوللي تعيد اكتشاف نفسها، بل وتُعيد رسم خريطتها الفنية بعينٍ مفتوحة على المستقبل.
من الإغراء إلى التجلي… دوللي تُغيّر المعادلة
منذ بداياتها، عُرفت دوللي شاهين كأيقونة للأنوثة والإثارة في الغناء العربي، لكن هذه المرحلة الجديدة من مسيرتها تمثل تحولًا نوعيًا، ليس فقط في شكل المحتوى، بل في طبيعة الصوت، والأداء، والرسالة. ترتيلة “اليوم على خشبة” ليست مجرد عمل ديني عابر، بل هي موقف فني ووجودي، يعكس نزعة داخلية نحو التجلي الروحي، في زمن يتخبط فيه الفن التجاري بين التكرار والسطحية.
ترتيلة “اليوم على خشبة”: العمق اللاهوتي والاشتغال الفني
الترتيلة، التي كتب كلماتها الأب بيتر حنا، وسُجلت في استوديو “راكان”، وتم الإشراف عليها إعلاميًا من قبل عصام ميلاد نصرالله، جاءت محمّلة برؤية لاهوتية أصيلة. الكلمات، المأخوذة من الطقس البيزنطي الأرثوذكسي، تتأمل في آلام المسيح على الصليب وتدعو إلى السجود والرجاء في القيامة.
يقول نص الترتيلة:
“اليوم على خشبة، اليوم عُلِّق على خشبة الذي علق الأرض على المياه… إكليل من شوك وضع على هامة ملك الملائكة… نسجد لآلامك أيها المسيح، فأرنا قيامتك المجيدة.”
بهذا النص، تدخل دوللي منطقة مقدسة لم تطأها كثير من النجمات العربيات، لا بصوتها فحسب، بل بروحها أيضًا.
تقنيات الذكاء الاصطناعي في خدمة الروح
الأكثر إثارة للاهتمام أن فيديو كليب الترتيلة صُمم باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي (AI)، وجاءت فكرته من دوللي شاهين نفسها. هذا الاستخدام المبتكر يعكس وعيًا تكنولوجيًا متقدمًا، وحرصًا على توظيف أدوات العصر لخدمة الفن الروحي. الصور المتحركة في الفيديو تُجسّد لحظات من الآلام والقيامة برمزية بصرية عميقة، ما يمنح الترتيلة بعدًا تأمليًا وتجريبيًا جديدًا.
صوت جديد في خامة مألوفة
من الناحية الصوتية، بدت دوللي في الترتيلة مختلفة تمامًا: صوتها أكثر اتزانًا، ومفعم بالرهبة، وقد تخلت عن الزخارف الصوتية والمبالغات اللحنية لصالح أداء خاشع، نظيف، ومدروس. لا تسعى لإبهار المستمع، بل لإدخاله في حالة وجدانية تتقاطع فيها الآلام بالخلاص.
هذه الخامة الجديدة من الأداء الصوتي لدوللي توحي بأنها تمر بمرحلة نضوج حقيقي، صوتًا ووجدانًا، وأنها لم تعد أسيرة لصورة “النجمة التجارية”، بل أصبحت فنانة تبحث عن هويتها العميقة.
ردود الفعل… إشادة وتفاعل فوري
الترتيلة حققت نسبة استماع ومشاهدة مرتفعة خلال ساعات من طرحها، وانهالت التعليقات على صفحات دوللي الرسمية بموجة من الإشادة والتقدير. اعتبرها كثيرون “خطوة شجاعة” من فنانة تتحدى قوالبها القديمة، بينما رأى آخرون أنها “أجمل ما قدمته دوللي حتى اليوم”.
صحف فنية عربية أشادت بالمبادرة، ووصفتها بأنها “مغامرة فنية ناجحة بكل المقاييس”، في حين شارك عدد من النقاد الموسيقيين في التحليل الصوتي للأداء، مؤكدين أن “خامة صوت دوللي في هذه الترتيلة كشفت عن إمكانيات خفية لم تُستثمر من قبل”.
خاتمة: دوللي شاهين… من خشبة المسرح إلى خشبة الصليب
الفنانون الكبار هم الذين يعرفون متى يُغيّرون جلدهم، لا هروبًا من الماضي، بل انتقالًا نحو صدقٍ أكبر مع الذات. ودوللي شاهين تُقدّم اليوم درسًا فنيًا وإنسانيًا لكل من يظن أن التطور مجرد “مظهر جديد” أو “إيقاع مختلف”. إنها تقول، وبصوت هادئ لكنه عميق: إن العودة إلى الجذور الروحية هي أيضًا ثورة… لكنها من نوع آخر.
فهل تكون هذه الترتيلة بداية لسلسلة أعمال روحية بصوت دوللي؟
وهل نشهد قريبًا تحوّلًا كاملاً في مسيرتها الفنية نحو “الفن الرسولي” و”الرسالة الخالدة”؟
الأيام وحدها كفيلة بالإجابة، لكن ما هو مؤكد أن “اليوم على خشبة” ليست مجرد ترتيلة… بل **إعلان ميلاد جديد لفنانة تبحث عن معنى أعمق في زمن الضجيج.