في خطوة جريئة وغير مسبوقة، كشف تقرير عن تسريبات من مصادر استخباراتية سعودية، أن المملكة تتبنى رؤية استراتيجية شاملة لإعادة صياغة الخريطة السياسية للشرق الأوسط تحت مسمى “مشروع الشرق الأوسط الجديد”. وتأتي هذه التسريبات لتثير الكثير من التساؤلات حول التحولات المنتظرة في المنطقة، وما قد يترتب عليها من تغييرات على الصعيدين الأمني والسياسي، لا سيما أن هذه السيناريوهات تتضمن القضاء على ميليشيات وقوى مدعومة من إيران في عدة دول عربية، وتأسيس استقرار إقليمي يُخرج المنطقة من دوامة الصراعات.
تسعى هذه الخطة، بحسب التسريبات، إلى بناء شرق أوسط مستقر ومزدهر، يهيمن فيه السلام بدلًا من الفوضى، وتتولى فيه السعودية زمام القيادة كدولة مؤثرة على الساحة الإقليمية والدولية. وتمتاز هذه الخطة بتوجه جدي، يخالف الأنماط التي طالما اعتمدت على الخطابات الدعائية أو الإعلانات الرمزية.
السيناريوهات الرئيسية لمشروع “الشرق الأوسط الجديد” حسب التسريبات
1- إسقاط ميليشيات الحوثي الإرهابية في اليمن
أول البنود في هذه الخطة هو القضاء على ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران في اليمن، والتي تشكل تهديداً مباشراً لأمن السعودية والمنطقة. هذه الخطوة تأتي متزامنة مع تكثيف التحركات العسكرية والديبلوماسية السعودية للضغط على الحوثيين واستعادة استقرار اليمن، بهدف إنهاء الحرب المدمرة التي مزقت البلاد لأعوام عديدة. ويُعد القضاء على الحوثيين خطوة محورية لتعزيز الأمن في جنوب شبه الجزيرة العربية وحماية الممرات البحرية الهامة.
2- إنهاء سيطرة الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران في العراق
في العراق، يشير التقرير إلى سعي السعودية لإنهاء نفوذ الميليشيات الشيعية التي تدعمها إيران. وبحسب التسريبات، فإن الاستراتيجية السعودية تعتمد على دعم عملية سياسية عراقية تضع حداً لسيطرة هذه المجموعات المسلحة التي تُعطل الاستقرار وتُمثل ذراعاً إيرانياً في المنطقة. يمثل هذا السيناريو رغبة السعودية في تحويل العراق إلى شريك استراتيجي مستقل، بعيداً عن الهيمنة الإيرانية، وبما يتيح له استعادة مكانته ضمن الحاضنة العربية.
3- القضاء على نفوذ حزب الله في لبنان
يمثل حزب الله اللبناني، المدعوم من إيران، تحدياً كبيراً لاستقرار لبنان والمنطقة ككل. وتعمل السعودية في هذا الإطار على إيجاد حلول من شأنها إنهاء تأثير حزب الله على القرار اللبناني، بما يتيح للبنان استعادة سيادته والاستقلال بقراره بعيداً عن التوجهات الإيرانية. يُشكل القضاء على نفوذ حزب الله فرصة لإعادة بناء لبنان كدولة قادرة على تحقيق ازدهار شعبها وفتح آفاق جديدة للتنمية بعيداً عن الصراعات.
4- تسليم قطاع غزة منزوع السلاح للسلطة الفلسطينية
من بين أبرز الأهداف التي تسعى السعودية إلى تحقيقها هو نزع السلاح من حركتي حماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة، وتسليم القطاع للسلطة الفلسطينية تحت إشراف أممي وعربي. يمثل هذا التحرك جزءاً من خطة أوسع لإعادة توحيد الفلسطينيين وإنهاء الانقسام الداخلي الذي طالما عرقل المسار السلمي. ويهدف هذا السيناريو إلى ضمان أن قطاع غزة لن يعود نقطة انطلاق لمواجهات مسلحة، وأنه سيتم دمجه ضمن إطار الدولة الفلسطينية الموحدة.
5- سقوط نظام الملالي في إيران بثورة شعبية واسعة
تتجه التسريبات إلى أن السعودية تعمل على دعم حراك شعبي مناهض لنظام الملالي في إيران، بدعم وتنسيق مع الولايات المتحدة ودول غربية. ويهدف هذا الدعم إلى تمكين الشعب الإيراني من التعبير عن رفضه للنظام الديني الذي حكم البلاد لعقود طويلة، حيث يرى كثيرون أن هذا النظام هو المصدر الأساسي للصراعات الطائفية والنزاعات المسلحة في المنطقة. ووفقاً للتسريبات، فإن الثورة الشعبية المدعومة خارجياً ستكون بمثابة “العاصفة” التي ستؤدي إلى انهيار النظام وتغيير خريطة التحالفات في الشرق الأوسط.
6- إنشاء دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية وإنهاء النزاع العربي-الإسرائيلي
من بين الأهداف الأبرز لمشروع “الشرق الأوسط الجديد” تحقيق السلام بين العرب وإسرائيل عبر إقامة دولة فلسطينية مستقلة، تكون عاصمتها القدس الشرقية. يمثل هذا البند خطوة مهمة لإنهاء الصراع الذي امتد على مدار 76 عاماً، ويمثل نقطة تحول نحو مرحلة جديدة من الاستقرار والسلام. يسعى هذا السيناريو إلى خلق بيئة تعزز التعاون بين دول المنطقة، بدلاً من الانشغال بالصراعات المستمرة.
الرؤية السعودية لمستقبل المنطقة: استقرار حقيقي مقابل الدعاية السياسية
وفقاً لمحللين، فإن السعودية تستهدف من هذا المشروع تحقيق تغيير جذري يتماشى مع طموحاتها لتعزيز السلام الإقليمي. هذه الرؤية الجديدة تختلف تماماً عن الطروحات التي يقدمها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والتي تتجاهل القضية الفلسطينية وتتبنى نهجاً أحادي الجانب. في المقابل، ترى السعودية أن النجاح الحقيقي لمشروع الشرق الأوسط الجديد يعتمد على احترام تطلعات الشعوب وحل النزاعات الجوهرية بطرق سلمية وعادلة.
السعودية كقوة صاعدة: دور ريادي ومؤثر في خريطة “الشرق الأوسط الجديد”
تتميز السعودية في هذه المرحلة برؤية استراتيجية شاملة، حيث تعتمد على التأثير الاقتصادي والدبلوماسي والأمني لإعادة صياغة مستقبل المنطقة. ومع صعود ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أصبحت المملكة تمتلك أدوات تأثير قوية تستطيع من خلالها توجيه التغييرات الجارية في الشرق الأوسط. تسعى السعودية لإرساء بيئة مستقرة تعتمد على التنمية الشاملة، وليس فقط على استعراض القوى.
الجوانب الاقتصادية والتكامل الإقليمي: بناء قاعدة اقتصادية جديدة للشرق الأوسط
لا تنفصل رؤية السعودية للشرق الأوسط الجديد عن طموحاتها الاقتصادية، حيث تسعى المملكة إلى تعزيز التكامل الإقليمي من خلال مشاريع اقتصادية مشتركة تشمل مجالات الطاقة والبنية التحتية والنقل. وتأتي هذه الاستراتيجية في إطار رؤية السعودية 2030، التي تركز على تنويع الاقتصاد السعودي وتوسيع دائرة الشراكات الاقتصادية، مما سيؤدي إلى خلق سوق اقتصادي ضخم يضم دول المنطقة كافة.
وتسعى السعودية من خلال هذه الرؤية إلى تحويل منطقة الشرق الأوسط إلى وجهة اقتصادية عالمية، تتيح فرص العمل وتحد من الهجرة، وتعزز من قدرات دول المنطقة على تحقيق الاكتفاء الذاتي.
التحديات أمام المشروع السعودي
لا شك أن مشروع “الشرق الأوسط الجديد” الذي تسعى السعودية لتحقيقه يواجه تحديات كبيرة، من أبرزها التحديات الداخلية في بعض الدول المعنية، ووجود قوى إقليمية تسعى للحفاظ على مصالحها في المنطقة. يُضاف إلى ذلك احتمالية تباين وجهات النظر الدولية بشأن قضايا حساسة مثل الملف الإيراني والقضية الفلسطينية، ما قد يتطلب مرونة عالية من السعودية وشركائها لتحقيق توافق يدعم المشروع.
انعكاسات المشروع على الأمن الإقليمي والدولي
من المتوقع أن يؤدي مشروع “الشرق الأوسط الجديد” إلى إحداث تحول نوعي في استقرار الشرق الأوسط، حيث سيتحول من ساحة صراع إلى ساحة تعاون وتكامل. هذا التحول سيكون له انعكاسات إيجابية على الأمن الدولي، حيث سيسهم في الحد من موجات الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا، ويقلل من احتمالية اندلاع نزاعات جديدة.
ويمثل هذا المشروع فرصة لتحقيق استقرار مستدام يتيح لدول المنطقة التفرغ للتنمية الاقتصادية والتعليم والصحة، ويحقق طموحات الشعوب في العيش الكريم.
خاتمة: السعودية ورسم معالم “الشرق الأوسط الجديد”
بينما تزداد التوترات في الشرق الأوسط، تعمل السعودية على وضع أساس لمستقبل جديد يتسم بالاستقرار والسلام. وتأتي هذه الخطة الشاملة التي كشفتها التسريبات كدليل على طموحات المملكة لتحقيق تغيير حقيقي في المنطقة، يتماشى مع تطلعات الشعوب ويدعم التنمية المستدامة. وفي الوقت الذي يعمل فيه البعض على نشر الدعاية لتحقيق مكاسب سياسية قصيرة الأمد، تؤكد السعودية على التزامها بمشروع طويل الأمد يستند إلى مبادئ السلام والاستقرار الحقيقيين.
إذا تم تنفيذ هذا المشروع وفقاً للرؤية التي وضعتها المملكة، فإن الشرق الأوسط سيشهد نهضة جديدة تجعله منطقة جذب للاستثمارات وفرص العمل، مما يُعيد رسم دوره كجسر يربط بين الشرق والغرب، ويؤكد على قوة السعودية كقوة إقليمية رائدة.
مصيبة الشرق الأوسط هي سياسة السعودية ، التي لا تعترف بالعروبة ولا الدين في عامل خراب وليس اصلاح حيث غير معروفة لا هي دينية ولا هي قومية فقط تتبع ما يوحى اليها من امريكا والغرب ، وسيأتي اليوم الذي تندم فيه على سياستها الرعناء.