من هو النقيب القادم؟ المعركة بدأت.. قبل أن تُعلن!
بقلم صموئيل العشاي:
رغم أن الانتخابات الأخيرة لمجلس نقابة الصحفيين بالكاد انتهت، ورغم أن الأسماء الفائزة لم تستكمل بعد ترتيب أوراقها أو توزيع مهامها داخل اللجان، إلا أن السؤال الأخطر بدأ يتسلل مبكرًا إلى المشهد النقابي:
من هو النقيب القادم؟
ليس مجرد فضول، بل واقع تُنذِر به التحركات السريعة، والاصطفافات الجانبية، والتكتيكات التي تجري بصمت خلف الأبواب المغلقة.
فمنذ اللحظة الأولى لإعلان نتائج الانتخابات، تحوّلت أنظار المتابعين ـ وحتى بعض أعضاء المجلس أنفسهم ـ من “مقاعد العضوية” إلى “عرش النقابة”، وكأن ما حدث لم يكن سوى مقدمة لصراع أكبر، وأكثر حساسية.
اللافت أن المناصب الداخلية في المجلس لم تعد محطات تنظيمية فقط، بل أصبحت أوراق اعتماد تُلوّح بها الشخصيات الطامحة للقيادة.
كل مرشح يسعى اليوم للحصول على موقع بارز داخل تشكيل اللجان: موقع يمكّنه من خدمة الجمعية العمومية بملفات قوية، ويبني له حضورًا فعّالًا يُحسب له في ميزان النقابة.
بمعنى آخر، أصبح من الممكن أن تُحدد الانتخابات الداخلية للمجلس مَن سيكون النقيب في الدورة القادمة.
إنها مرحلة إعادة التموضع. فالمناصب ليست مجرد مهام داخل النقابة، بل تحوّلت إلى منصات انطلاق انتخابية، تُمكن صاحبها من تعزيز نفوذه داخل النقابة، والتواصل مع القواعد الصحفية، وبناء سردية سياسية ونقابية تخدم معركته القادمة.
الساحة مشتعلة بهدوء.
التحالفات تُعقد بصمت، والابتسامات العلنية تخفي وراءها الكثير من الحسابات المعقدة.
والسؤال يتردّد: من يجهّز نفسه مبكرًا؟ ومن يراقب بصمت؟ ومن يلعب لعبته بدهاء كي يكون الاسم الذي يخرج من بين الجميع في اللحظة الحاسمة؟
كل شيء وارد.
ففي نقابة الصحفيين، لا تُحسم المعارك بالضوء وحده، بل بما يحدث في الظلال.
وهكذا، تتحوّل خريطة اللجان إلى ما يشبه “خريطة النفوذ”، ويصبح كل موقع داخل المجلس بمثابة ورقة انتخابية مستقبلية.
قد نكون أمام بداية مبكرة جدًا لمعركة النقيب… معركة لا تعترف بتوقيت رسمي، ولا تنتظر إشارات البدء.
فهل نشهد صعودًا تقليديًا لمن اعتادوا النفوذ؟
أم أن مفاجآت اللحظة الأخيرة ستقلب الطاولة وتفتح الباب لأسماء جديدة تُربك الحسابات؟
الملف مفتوح… والتوقعات كلها معلّقة على خيوط المجلس القادم.
من هو النقيب القادم ؟
- جمال عبد الرحيم: صوت الصعيد وخدمة الأسرة الصحفية
جمال عبد الرحيم من أبرز الشخصيات النقابية في مصر، حيث يتمتع بشعبية كبيرة بين الصحفيين، خاصة في صعيد مصر، الذي يمثل كتلة تصويتية تفوق ثلاثة آلاف صحفي.
عُرف بقدرته على التواصل مع القواعد الشعبية داخل النقابة، وله تاريخ طويل في الدفاع عن حقوق الصحفيين.
شغل من قبل منصب سكرتير عام النقابة، ولديه سجل طويل في تقديم الخدمات النقابية لكل أسرة صحفية.
ويبدو أن عبد الرحيم يملك أدوات التأثير، لكنه بحاجة لتحرك استراتيجي ذكي ليحسم موقعه في الصف الأول.
- محمد شبانة: إصلاحات مالية وخدمات نقابية
محمد شبانة، الصحفي والنائب البرلماني، وعضو مجلس الشيوخ، حقق إنجازات ملموسة خلال فترة عمله في النقابة.
نجح في تحقيق فائض مالي قدره 35 مليون جنيه، وطوّر نادي الصحفيين، ليحاكي أندية النخبة مثل وادي دجلة.
يتردد أنه يُخطط لإعادة تجربة النجاح في نادي الصحفيين بالإسكندرية.
شبانة يملك قاعدة لا تقل عن 2500 صوت انتخابي، ويتحرك بثقة وطموح واضح نحو موقع النقيب.
لكن هل يستطيع تحويل هذا الطموح إلى واقع وسط معادلة معقدة؟
- محمد سعد عبد الحفيظ: تطوير المهنة وطموحات الواجهة
يشغل محمد سعد عبد الحفيظ منصب وكيل النقابة لتطوير المهنة، وهو مدير تحرير جريدة الشروق.
أحدث نقلة نوعية في مركز التدريب بالنقابة، بتحويله إلى مساحة عملية حقيقية، عبر استوديوهات ومركز تحرير متكامل.
تولى تدريب 1200 صحفي في دورات متقدمة، مما جعله وجها نقابيا ذا ثقل مهني.
هو الذراع الأقرب لخالد البلشي، وربما يكون مرشحه لدورة انتقالية، في سيناريو يُمهد لعودة البلشي نقيبًا من جديد.
يمتلك سعد عبد الحفيظ نحو 2200 صوت، لكن السؤال: هل ينجح البلشي في خطته؟
- حسين الزناتي: وزير السعادة وعابر التحالفات
حسين الزناتي، نجم الحضور الإنساني في النقابة، يُلقب بـ”وزير السعادة”، لما له من قدرة على بناء جسور التواصل بين الأطراف المتناقضة.
يحظى بدعم من دوائر متنوعة: من اليسار، إلى الحكومي، إلى الصحفيين الصعايدة، ويملك نحو 2300 صوت انتخابي.
الزناتي ليس خصمًا سهلاً، وتحركاته هادئة لكن فعالة.
لكن هل تكفيه شبكة العلاقات أم أن معركة النقيب تحتاج لأوراق أكثر وضوحًا؟
- هشام يونس: عدو الفساد وصاحب الرؤية الجريئة
هشام يونس، صاحب التاريخ النظيف، واللغة الإصلاحية الحادة.
اشتهر بمواقفه الصارمة ضد الفساد داخل النقابة وخارجها، وبتصديه لكثير من التجاوزات دون مواربة.
قدّم تصورًا متكاملًا لتطوير صندوق النقابة.
هشام لا يُراوغ، لكنه يدفع أحيانًا ثمن صراحته.
فهل تُمكّنه شجاعته من انتزاع مقعد القيادة؟ أم أن الحسابات داخلية قد تُعطل صعوده؟
- عبد الرؤوف خليفة: مرشح “الكتلة الكاسحة”
عبد الرؤوف خليفة، هو الاسم الذي يُراهن على “الجماهيرية الخدمية”.
أسس جمعية الصحفيين، ويملك ما يقرب من ٤٠٠٠ صوت انتخابي عبر شبكات واسعة من العلاقات.
له باع طويل في إنهاء مخالفات المرور، ونجح في توقيع بروتوكولات مع جهات متعددة لخدمة الصحفيين.
يُقال إنه يتحرك بخطط منظمة، وقد يكون مفاجأة ثقيلة في لحظة حاسمة.
لكن هل يتحول هذا الرصيد إلى تفويض نقابي؟ هذا ما ستكشفه الأيام.
- أيمن عبد المجيد: من داخل المؤسسة.. إلى مشارف الكرسي الكبير
أيمن عبد المجيد، عضو مجلس النقابة، وقيادي بارز بمؤسسة روزاليوسف.
شغل مناصب مهمة داخل النقابة، وأدار لجنة الرعاية الاجتماعية والصحية بكفاءة، خاصة خلال أزمة كورونا.
خصومه روجوا لفكرة أن مؤسسته لا تدعمه، لكن المؤسسة نفسها نظمت احتفالًا ضخمًا لفوزه، مما يعكس دعمه الداخلي.
يمتلك نحو 2100 صوت انتخابي، ويتحرك بخطى هادئة لكنها واثقة.
فهل يخرج من عباءة الرجل التنفيذي إلى موقع القيادة؟
- عمرو بدر: صاحب الرصيد النضالي.. ورهان البلشي غير المعلن
عمرو بدر، الصحفي المدافع عن حرية التعبير، والرجل الذي يُنظر إليه كنقابي من طراز خاص.
لم يحالفه الحظ في الانتخابات الأخيرة، لكنه يحتفظ برصيد نضالي قوي، ويحظى بمحبة من خالد البلشي، الذي يرى فيه امتدادًا للنقابة المناضله.
يمتلك حوالي ألفي صوت انتخابي، ورغم سقوطه فان البلشي نفسه فشل ان يصبح عضوا ولكنه أصبح نقيبًا مرتين.
فهل يكون عمرو بدر تكرارًا لتجربة البلشي؟ أم أن الطموح يصطدم بواقع مختلف؟
الخاتمة: الكرسي لا ينتظر.. لكنه يُراقب
كل اسمٍ هنا يملك من القوة ما يُرشحه، ومن الضعف ما قد يُقصيه.
وكل تحالف اليوم، قد يكون خصومة غدًا.
والكرسي الأكبر لا يُمنح.. بل يُنتزع.
من النقيب القادم؟
لا أحد يملك الإجابة.
لكن من المؤكد أن بعض هؤلاء قد ناموا ليلة واحدة على الأقل وهم يتخيلون أنفسهم على الكرسي الجليل في الطابق الثالث من بيت الصحفيين الكبير.
الانتخابات الداخلية لمجلس نقابة الصحفيين ربما تكون بروفة مصغرة لمعركة النقيب.
فمن ينجح في حصد مقعد مؤثر داخل المجلس، ربما يكون قد وضع أول قدم على طريق النقابة الأكبر.
المناصب هذه المرة ليست عادية.. إنها مفاتيح الغد.