الرئيس عبد الفتاح السيسي من موسكو: مصر ثابتة على عهدها تجاه فلسطين… وقف إطلاق النار وإنقاذ غزة أولويات لا تقبل التأجيل

في لحظة فارقة تشهد تصاعدًا في الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، ووسط تحركات دبلوماسية دولية مكثفة لإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية، جاءت مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي في لقاء جمعه بالرئيس الفلسطيني محمود عباس في العاصمة الروسية موسكو، على هامش الاحتفالات بيوم النصر، لتعكس مجددًا الدور التاريخي والثابت الذي تضطلع به مصر تجاه الشعب الفلسطيني، وحرص القيادة المصرية على مواصلة التصدي السياسي والإنساني للأزمة المستعصية.

مصر لا تساوم على فلسطين… موقف مبدئي لا يخضع للحسابات

لقاء الرئيسين في موسكو لم يكن مجرّد مناسبة بروتوكولية، بل جاء في توقيت دقيق تتصاعد فيه الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية بشكل غير مسبوق. وقد أكد الرئيس السيسي، بكل وضوح، على دعم مصر الكامل والثابت للقضية الفلسطينية، وحرصه الشديد على تحقيق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، باعتباره أولوية عاجلة لإنقاذ المدنيين من آلة القتل اليومي، إلى جانب إطلاق سراح الرهائن والأسرى والمحتجزين وإدخال المساعدات الإنسانية بكميات كافية لإنهاء الكارثة المتفاقمة.

ما يميز الموقف المصري هو أنه ليس موقفًا لحظيًّا أو طارئًا، بل هو جزء من عقيدة سياسية وأمن قومي عربي، ترى في حل القضية الفلسطينية حجر الزاوية في تحقيق استقرار الشرق الأوسط. فالرئيس السيسي يدرك جيدًا أن استمرار الصراع، وغياب الدولة الفلسطينية، وتجاهل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، لن ينتج عنه إلا المزيد من التطرف والعنف وعدم الاستقرار.

رؤية متكاملة من أجل فلسطين

الرئيس السيسي لم يكتفِ بإعلان الدعم السياسي، بل عبّر عن تفهم عميق للمشهد الفلسطيني داخليًا وخارجيًا، حيث رحب بجهود الإصلاح التي تباشرها السلطة الفلسطينية، وشدد على ضرورة استكمال هذه الخطوات من أجل تمتين البيت الفلسطيني وتحقيق قدر أكبر من القدرة على التفاوض والمواجهة.

ويأتي ذلك في وقت كشف فيه الرئيس محمود عباس عن ضغوط مالية شديدة تتعرض لها السلطة، نتيجة احتجاز الاحتلال الإسرائيلي لمستحقات مالية تقدر بحوالي 2 مليار دولار، وهو ما يُعد شكلاً من أشكال العقاب الجماعي والخنق الاقتصادي الممنهج الذي تمارسه تل أبيب. وهنا يبرز الدور المصري كـ داعم سياسي وإنساني واقتصادي في آنٍ واحد، خاصة مع اقتراب موعد القمة العربية القادمة في العراق، التي من المتوقع أن تتناول تلك الأزمة بدعم مصري واضح.

الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية… مسعى مصري مدعوم بالرؤية والواقعية

الرئيس الفلسطيني أشار كذلك إلى أن 149 دولة حتى الآن قد اعترفت بدولة فلسطين، في تطور مهم على الساحة الدولية، يعكس تحولاً نسبيًا في المزاج الدولي تجاه القضية. ورغم أن دولاً كبرى – وفي مقدمتها الولايات المتحدة – لم تعترف حتى اللحظة بالدولة الفلسطينية، إلا أن التحركات النشطة التي تديرها القيادة الفلسطينية، بدعم مباشر من دول محورية كـمصر، تشكّل منصة واعدة لإعادة فرض الحل السياسي القائم على أساس الدولتين.

وقد أكد الرئيس عباس على أهمية الاجتماع المنتظر في نيويورك يوم 18 يونيو 2025، الذي يهدف إلى دعم هذا المسار، وهو ما يعزز من أهمية أن تلعب مصر دورًا قياديًا خلال هذه المرحلة، مستفيدة من علاقاتها الدولية، ومن ثقلها الإقليمي كوسيط رئيسي يحظى باحترام جميع الأطراف.

مصر… الضامن الإنساني والسياسي لقضية لا تموت

لقد أثبتت مصر في أكثر من مناسبة، وفي جميع الحقب السياسية، أنها صاحبة الدور الأصيل في الملف الفلسطيني. غير أن ما تقوم به القيادة الحالية، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، يمثل نقلة نوعية في الأداء السياسي، تجمع بين التحرك الدبلوماسي النشط، والتدخل الإنساني المباشر، والتنسيق مع الأطراف الدولية، والدفاع عن الرواية الفلسطينية في كل محفل.

الرئيس السيسي، منذ بداية العدوان على غزة، قاد جهودًا جبارة لوقف إطلاق النار، وأمر بفتح معبر رفح الإنساني، وإرسال مئات الشاحنات الطبية والغذائية، كما حشد الجهود الدولية للضغط من أجل حماية المدنيين. واليوم، من قلب موسكو، يؤكد مجددًا أن القضية الفلسطينية باقية في القلب المصري، لا تغيب مهما اشتدت الأزمات وتبدلت الظروف.

مصر التي لا تتخلى

إن رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسي من موسكو، إلى الفلسطينيين وإلى العالم، واضحة لا لبس فيها: مصر لن تتخلى أبدًا عن فلسطين، ولن تقبل بتمرير صفقات مجتزأة أو حلول هشة لا تضمن الكرامة والسيادة للشعب الفلسطيني. وها هو يؤكد مجددًا أن مصر ستبقى الحاضن العربي الأول للقضية، والمُبادر الفعّال نحو استعادة الحقوق، والداعم الشجاع في وجه الابتزاز والاحتلال والخذلان الدولي.

فليُسجّل التاريخ أن في زمن الأزمات، حين صمت كثيرون، تحدثت مصر بصوت الأمة… ومضى السيسي على درب عبد الناصر والسادات، ممسكًا بقبس الأمل الفلسطيني، لا يفرّط، لا يساوم، لا يتراجع.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى