بلطجي يعاكس العذراء… فحدثت معجزة العياط!

بقلم – حازم رفعت:
في قلب مصر الفرعونية، منذ ألفي عام، حيث تتعانق ظلال النخيل مع عبق التاريخ، سارت العائلة المقدسة في رحلتها المباركة، تحمل بين جنباتها سر الخلاص وأمل البشرية.
وفي أحد أركان البدرشين، حيث السكون يلفّ المكان، يُروى بحسب ما تناقله التقليد القبطي والتاريخ المتوارث، أن رجلًا من قطاع الطرق، ضخم الجسد، غليظ الملامح، تتطاير الشرور من عينيه، قد ظهر للعائلة المقدسة أثناء مرورها في المنطقة، واقترب بخطوات ثقيلة، ودفع يوسف النجار جانبًا، ثم توجه إلى العذراء مريم، يطمع في نورها الطاهر، وناداها بوقاحة: “تعالي معي!”، وحاول أن يمدّ يده ليمسّها.
لكن العذراء، بقلب الأم وطمأنينة الإيمان، احتمت بابنها يسوع، ورفعت يديها إلى السماء قائلة:
“يا رب، أوقف نمو يده وعقله وجسده.”
فارتجف الرجل وارتعش، وبدأ جسده يتقلص شيئًا فشيئًا، حتى صار طفلًا صغيرًا عاجزًا، لا يملك سوى البكاء والصراخ، حتى ملأ صوته المكان.
مضت العائلة المقدسة في طريقها، بينما بقي الطفل الباكي وحده، وظل موجودًا في هذا المكان لمدة ثمانية عشر عامًا، وصار الناس يقصدون تلك البقعة، يتهامسون: “تعالوا نذهب إلى تلك المنطقة، حيث هناك الولد الذي يبكي.”
وهكذا، خلدت الأرض اسم “العياط”، ذكرى لمعجزة إلهية وعبور قداسة لا تُنسى.
وما زال المكان قائمًا حتى يومنا هذا، يحمل الاسم ذاته، شاهدًا على قصة عبرت حدود الزمان، ترويها الأرض لأجيال بعد أجيال.
وفي نهاية المطاف، فإن هذه القصة متوارثة في التراث الشعبي والتقليد الكنسي الشفهي، وتحمل في طياتها تعظيمًا لمكانة السيدة العذراء، وتعبيرًا عن قداستها وقدرتها بالنعمة الإلهية على كبح الشرّ. ورغم أن الكنيسة لم توثقها رسميًا ضمن المسار المعتمد لرحلة العائلة المقدسة، إلا أنها تُروى في الوجدان القبطي كإحدى علامات الحماية الإلهية خلال تلك الرحلة المباركة.
أما اسم “العياط”، فهناك أيضًا تفسيرات أخرى لأصله، منها ارتباط المنطقة بطبيعتها الجغرافية أو بقربها من نهر النيل، لكن لا يوجد ما ينفي صلة الاسم بتلك الرواية المتوارثة.
وهكذا، تبقى هذه الحكاية شاهدًا على عبور القداسة، وسِفرًا من التاريخ المحكيّ، يعكس محبة المصريين للعذراء، وتوقيرهم لخطواتها على تراب هذا الوطن المبارك