ترامب يحاكي التجربة المصرية في إفطار الوحدة الوطنية: هل تلهم “مائدة القمص صليب” العالم؟

في خطوة تعكس محاولة لاستلهام النموذج المصري في تعزيز التلاحم الوطني، استضاف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مأدبة إفطار رمضانية في البيت الأبيض، في مشهد يعيد إلى الأذهان المبادرة الرائدة التي أطلقها القمص الراحل صليب متى ساويرس، كاهن كنيسة مارجرجس بشبرا، حين أسس أول مائدة إفطار رمضانية تجمع المسلمين والمسيحيين في مصر، لتصبح رمزًا لوحدة النسيج الوطني.
إفطار البيت الأبيض.. تقليد للمبادرة المصرية؟
لطالما اعتبرت “مائدة الوحدة الوطنية” التي أسسها القمص صليب متى ساويرس أحد أهم مظاهر التآخي بين المسلمين والمسيحيين في مصر، حيث جمعت على مدار سنوات وجوهًا دينية، وشخصيات عامة، وأفرادًا من مختلف الأطياف، تحت مظلة المحبة والمشاركة. هذه المبادرة التي ولدت في أحياء شبرا الشعبية، لم تلبث أن أصبحت نموذجًا يُحتذى به في الداخل والخارج، حتى بدت مراسم الإفطار الرمضاني الذي استضافه ترامب وكأنها تحاول محاكاة هذا التقليد المصري الفريد.
ترامب: رمضان يجسد قيم التآخي وضبط النفس
خلال كلمته أمام الحضور، أشار الرئيس ترامب إلى أن شهر رمضان يمثل موسمًا لضبط النفس، حيث يصوم المسلمون من الفجر إلى المغرب تعبيرًا عن إخلاصهم لله. وقال:
“رمضان موسم ضبط النفس، كل يوم خلال الشهر التاسع من التقويم الإسلامي، يصوم المسلمون من الفجر إلى المغرب، مُثبتين بذلك إخلاصهم لله. يا له من أمرٍ رائع!”
وأضاف أن المسلمين في مختلف أنحاء العالم يجتمعون عند غروب الشمس ليشكروا الله على نعمه، مشيرًا إلى أن تقليد الإفطار يعكس القيم المشتركة بين جميع الديانات الإبراهيمية الثلاثة، والتي تسعى إلى تحقيق السعادة والسلام في العالم.
إفطار البيت الأبيض.. بين الدبلوماسية والسياسة
رغم البعد الديني والتقليدي لمأدبة الإفطار الرمضانية، فإن مثل هذه المناسبات تحمل أيضًا أبعادًا سياسية ودبلوماسية، حيث تعتبر فرصة لتعزيز العلاقات مع الجاليات الإسلامية داخل الولايات المتحدة، وإرسال رسائل إيجابية حول التسامح والتعددية.
وفي هذا السياق، حرص ترامب على تأكيد دعمه للمسلمين، قائلاً:
“إلى أصدقائنا المسلمين، أتطلع إلى العمل مع كل واحد منكم لتحقيق مستقبل أكثر إشراقًا وأكثر أملًا. معًا سنحقق نجاحًا كبيرًا، وستحققون تقدمًا لم تحققوه من قبل، لأن لديكم شخصًا في البيت الأبيض يحبكم.”
ورغم الطابع الاحتفالي للحدث، فإن البعض يرى في هذه الخطوة محاولة من الإدارة الأمريكية لمد جسور جديدة مع الجالية المسلمة، لا سيما في ظل التحديات التي واجهها المسلمون في الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية.
هل تصبح مائدة القمص صليب متى ساويرس نموذجًا عالميًا؟
إن التجربة المصرية في موائد الإفطار المشتركة ليست مجرد عادة رمضانية، بل أصبحت رمزًا لوحدة المصريين، حيث يجتمع الجميع، بغض النظر عن الدين أو الخلفية الاجتماعية، حول مائدة واحدة، في صورة تجسد معاني المحبة والتعايش.
اليوم، ومع استضافة البيت الأبيض لمأدبة إفطار رمضانية تحمل طابعًا مشابهًا، يبرز التساؤل: هل يمكن أن تصبح هذه المبادرة المصرية نموذجًا عالميًا يُحتذى به لتعزيز التقارب بين الأديان والثقافات؟ وهل تتحول موائد الإفطار إلى منصة حقيقية للحوار بين الشعوب؟
في النهاية، يبقى الدرس المستفاد من تجربة القمص صليب متى ساويرس أن وحدة المجتمعات لا تتحقق بالشعارات، بل بالممارسات اليومية التي تعزز التقارب والتفاهم، وهو ما يجعل هذه المبادرات أكثر من مجرد مأدبة طعام، بل رسالة محبة وسلام تعبر الحدود والثقافات.