حركة الاخوان المسلمين داخل اسرائيل وتحالفاتها مع الاحتلال

كتب – صموئيل العشاي:
في يوليو 2025 أثارت دعوة أطلقها بعض قيادات الداخل الفلسطيني الإسلامي للتظاهر أمام السفارة المصرية في تل أبيب احتجاجًا على ما وصفوه بـ«الحصار المصري» لقطاع غزة، ردود فعل غاضبة في الشارع المصري. نقلت صحيفة القدس العربي عن تلك الدعوة (التي أطلقها شيخ اتحاد أئمة المساجد في الداخل الفلسطيني) أنها سعت إلى «فتح معبر رفح وإدخال المساعدات» .
ورأى الساسه أن توجيه الاحتجاج ضد مصر (وليس ضد إسرائيل) يأتي «تشويشًا على الدور المصري ومحاولة مريبة لتحميله مسؤولية الحصار المفروض من إسرائيل» . ونشرت وسائل لإعلام تعليقات ساخرة معتبرة أن تنظيم التظاهرة أمام السفارة المصرية يعني عمليًا أن «إسرائيل تنظم مظاهرة أمام سفارة القاهرة في تل أبيب احتجاجًا على حصار غزة» .
وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي موقف مصر الداعم للوقف الفوري للحرب وإدخال المساعدات الإنسانية ، مشددًا على أن السعي إلى اتهام مصر «لن يثنيها عن أداء دورها التاريخي تجاه الشعب الفلسطيني».
النشأة والمسار التاريخي
• 1971 – تأسيس الحركة الإسلامية: أسس الشيخ عبد الله نمر درويش الحركة الإسلامية في أراضي 48 عام 1971، وهي امتداد فكري للتيار الإخواني العالمي . بدأت الحركة بالتركيز على نشاطات دعوية وخيرية، وبناء المساجد والمراكز الاجتماعية في الأحياء العربية.
• 1989 – شارك في الانتخابات المحلية: حقق الإسلاميون فوزًا انتخابيًا في عدد من المدن العربية في انتخابات 1989 ضمن حملة شعاراتية مثل «الإسلام هو الحل» .
• منتصف التسعينات – الانقسام بسبب اتفاق أوسلو: أثار اتفاق أوسلو 1993 انقسامًا داخليًا في الحركة. و اعتبر القادة الاخوان (أمثال درويش) المشاركة السياسية في الكنيست سبيلًا للتأثير على مجمل الأوضاع، بينما رأى القادة الآخرون (مثل الشيخ رائد صلاح) أن ذلك يدخل في اعتراف بالدولة الصهيونية. أدى ذلك إلى انقسام الحركة في 1996 إلى فرعين: فرع جنوبي بقيادة درويش وغير معارض للمشاركة البرلمانية، وفرع شمالي بقيادة صلاح رفض الانخراط السياسي .
• 2000-2010 – التوسع والنفوذ المجتمعي: حافظت الحركة الإسلامية (خصوصًا فرعها الجنوبي) على حضور واسع في المجتمع العربي داخل إسرائيل من خلال الخدمات الاجتماعية والتعليمية والدعوية . أما الفرع الشمالي فركز على قضايا القدس والقدس المحتلة وغيرها، وبرز دوره السياسي في المناطق التي كان يسيطر عليها (مثل أم الفحم).
• 17 نوفمبر 2015 – حظر الفرع الشمالي: أعلنت الحكومة الإسرائيلية حظر الفرع الشمالي للحركة الإسلامية واعتبرته تنظيمًا «إرهابيًا» بدعوى رفضه الاعتراف بإسرائيل . واعتقلت العديد من قادته، في مقدمتهم الشيخ رائد صلاح. وبقي الفرع الجنوبي القانوني (المعروف باسم «الحركة الإسلامية – الفرع الجنوبي») مستمرًا في نشاطه السياسي والاجتماعي.
• 2019–2021 – صعود منصور عباس: برز سياسيًّا منصور عباس كزعيم للقائمة العربية الموحدة (راعم)، ودخل الكنيست لأول مرة عام 2019 كرئيسٍ لحزبه . ركز عباس على قضايا محلية مثل مكافحة العنف والجريمة في المجتمع العربي ، وأصبح في أبريل 2021 أول زعيم عربي ينضم إلى الائتلاف الحكومي الإسرائيلي .
الفروع المرخصة والمحظورة
للحركة الإسلامية في إسرائيل فرعان رئيسيان:
• الفرع الجنوبي (المرخص): هو الفرع الذي ركب موجة الانخراط السياسي، شارك في انتخابات 1996 وما بعدها، وتمثل في أحزاب قائمة «راعم» العربية. بقي هذا الفرع قانونيًا في إسرائيل، وساهم في الحياة البرلمانية المحلية والوطنية.
• الفرع الشمالي (المحظور): رفض المشاركة في العملية السياسية الوطنية منذ الانشقاق، وعوضًا عن ذلك ركَّز على العمل الإسلامي الشعبي والمقاومة. في 2015 حظرته إسرائيل وأغلقت مؤسساته وزجَّت قياداته بالسجون .
قدمت الدراسات الأكاديمية الفارق الأساسي بين الفرعين على أنه مدى «التعامل مع الدولة» الإسرائيلية: فالفرع الجنوبي يُعتبر أكثر واقعية وبراغماتية (يقبل اللعبة السياسية ويسعى للتأثير من داخل النظام) ، بينما الفرع الشمالي يتمسك بموقف متشدد (يرفض الاعتراف بشرعية المؤسسات الإسرائيلية، ويفضل الرفض والمقاومة).
رغم هذا الانقسام، فإن كلا الفرعين تنطلقان من ذات الخلفية الفكرية (الإسلامية المنبثقة من الإخوان)، ولا يزال هناك تشابه أيديولوجي بينهما؛ فقد وجدت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ما يشير إلى توثيق علاقات فكرية قوية بين الفرع الشمالي وحماس والحركة العالمية للإخوان . ومع ذلك، فإن الفرع الجنوبي اكتسب دورًا أكبر في النشاطات الاجتماعية والخدمات الدعوية بعد حظر الفرع الشمالي .
العلاقات مع الحكومات الإسرائيلية
تعتمد علاقة الحركة الإسلامية مع الحكومات الإسرائيلية على انتمائها الفرعي: الفرع الجنوبي اختار المشاركة السياسية فإقامة حوار محدود مع السلطة، بينما الفرع الشمالي سلك طريق المعارضة والمواجهة. مثال ذلك كان دخول منصور عباس وحزبه راعم في مفاوضات تشكيل حكومة ائتلافية في 2021 مع أحزاب اليمين الإسرائيلية .
وبدا هذا الائتلاف مفاجئًا لأوساط متعددة؛ إذ أظهرت صحيفة التايمز أوف إسرائيل أن عباس «بدأ العام الماضي بعلاقة عمل دافئة علنًا مع رئيس الوزراء» نتنياهو . بل إن عباس دعا نتنياهو نفسه لإلقاء كلمة أمام لجنة برلمانية يرأسها، وامتنع وحيدًا عن التصويت لتفكيك الكنيست قبل انتخابات 2021 مراهنًا على تجنّب تهميش العرب . يبرر مقربون من عباس هذا السلوك بالقول إن التغيير لمصلحة المجتمع العربي يمرّ الآن عبر جهاز الدولة الإسرائيلي.
من جهة أخرى، ينظر إليه المحللون أحيانًا على أنه مداهنة لأنه «لا يدعم نتنياهو ولا يحاول حمايته من ملاحقاته القضائية، بل يحاول تحقيق مصالح ناخبيه» . أما الفرع الشمالي بقي موقوفًا لدى الحكومات الإسرائيلية: فبعد حظره عام 2015، تم التعامل معه كمؤسسة سرية وطالت الحظر أي تنظيمات إسلامية رسمية مرتبطة به .