عثمان الشويخ يكتب : مصر تتصدى لأوهام التوسع

لم تُفاجَأ القاهرة بما أثير في بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية حول فكرة “إسرائيل الكبرى”، ذلك الحلم التوسعي الذي ظلّ كامنًا لسنوات تحت السطح، قبل أن يخرج مؤخرًا عبر تصريحات شخصيات يمينية متطرفة مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، ومقالات في صحف إسرائيلية بارزة. الأمر الذي يؤكد أن المخطط لم يعد مجرد وهم، بل صار هدفًا استراتيجيًا لتيارات مؤثرة داخل إسرائيل.

الموقف المصري لم يكن انفعالًا لحظيًا، بل تأكيدًا على مبدأ ثابت وراسخ: السلام الحقيقي لا يُبنى على أوهام وأطماع، وإنما على احترام سيادة الدول والقانون الدولي.

تحذير مصري لا لبس فيه

في تحرك عاجل، جددت مصر تحذيرها لإسرائيل من الانسياق وراء معتقدات وهمية تسعى لتصفية القضية الفلسطينية وتجسيد ما يسمى بـ”إسرائيل الكبرى”، مؤكدة أن هذا أمر لا يمكن القبول به أو السماح بتمريره.
ومصر التي خاضت حروبًا مريرة دفاعًا عن أرضها وسلامها، وأبرمت معاهدة سلام، تُدرك أن السلام ليس مجرد توقيع على وثيقة، بل التزام عميق بالعيش المشترك ونبذ سياسات التوسع.

وفي هذا السياق، أعلنت وزارة الخارجية المصرية، في بيان رسمي، أنها تتابع بقلق بالغ ما تسعى إليه الحكومة الإسرائيلية من خطط عسكرية للسيطرة على مدن قطاع غزة، في محاولة لتكريس احتلالها غير الشرعي. وأكد البيان أن هذه السياسات التوسعية تتنافى مع القانون الدولي والإنساني، وتأتي في تجاهل كامل لجهود الوسطاء والمطالب الدولية بوقف الحرب ورفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني.

الدور المصري الحاسم

لقد كشفت حرب غزة وما صاحبها من انتهاكات صارخة للقانون الدولي حقيقة النوايا الإسرائيلية. ففي الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل حربها وتوظّف البروباغندا لتزييف الواقع، يظهر حلم “إسرائيل الكبرى” بوضوح ليؤكد أن السلام ليس هدفًا حقيقيًا لها، وأن الحديث عن الحلول السلمية ليس سوى شعارات زائفة لتبرير العدوان.

من هنا جاء الدور المصري حاسمًا ومحوريًا؛ إذ أدانت القاهرة تلك الأطروحات التوسعية وطالبت بإيضاحات رسمية، مؤكدة أن مثل هذه الأفكار لا تزيد الوضع إلا احتقانًا وتصعيدًا، وتُقوّض أي جهود لإرساء السلام.
ويبرز هذا الدور مصر كدولة لا تفرّط في أمنها القومي، ولا تتخلى عن مسؤوليتها في الدفاع عن القضايا العربية العادلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

دعوة للمجتمع الدولي

وحذرت مصر من أن غطرسة القوة والإمعان في انتهاك القانون الدولي خطأ جسيم في الحسابات، ناتج عن ضعف منظومة العدالة الدولية، وأن الاستمرار في هذا النهج لن يؤدي إلا إلى مزيد من التصعيد وعدم الاستقرار في المنطقة.

ولذلك، دعت القاهرة المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لوضع حد للحرب على غزة ووقف الجرائم المرتكبة ضد المدنيين الفلسطينيين، مطالبة مجلس الأمن الدولي بالاضطلاع بمسؤولياته في حفظ السلم والأمن الدوليين، ومنع تدهور الأوضاع أكثر.

وأكدت مصر أن السبيل الوحيد لإقامة سلام مستدام هو العودة إلى المفاوضات، وإنهاء الحرب، والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
فأمن المنطقة – كما شددت القاهرة – لا يمكن أن يُبنى على أحلام التوسع أو منطق القوة، وإنما على سلام عادل ومستقر يضمن أمن الجميع ويضع حدًا للأطماع التي تهدد مستقبل الشرق الأوسط

اظهر المزيد

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى