عاطف كامل.. الصحفي والإعلامي الكبير الذي لن يتكرر

بقلم صموئيل العشاي:

لم يكن الزميل عاطف كامل مجرد إعلامي بارع أو صحفي موهوب، بل كان تجربة إنسانية فريدة جمعت بين المصداقية والبساطة والدفء الإنساني. بالنسبة لي، لم يكن مجرد اسم لامع على الشاشة أو في الصحافة، بل كان حاضرًا في حياتي عبر ثلاث مشاهد لا أنساها أبدًا، شكّلت لدي صورة حية عن عظمته المهنية والإنسانية.

عرفت عاطف كامل أولًا وأنا لا أزال طالبًا في المرحلة الإعدادية. كنت أحرص على متابعة برنامجه الناجح “لو بطلنا نحلم”، الذي قدم تجربة إعلامية ثرية ومتفردة في التلفزيون المصري. كان البرنامج مختلفًا، ينبض بالحياة، ويمنح المشاهدين نافذة على أحلامهم وطموحاتهم. وأتذكر جيدًا أن الصحفي الكبير هاني لبيب، رئيس تحرير موقع مبتدأ حاليًا، كان من ضيوف البرنامج الذين أحببت الاستماع إليهم.

المشهد الأول: قبل ثورة يناير

قبل اندلاع ثورة يناير العظيمة، كنت أقوم بتغطية وقفة احتجاجية لإعلاميات أمام مبنى ماسبيرو للمطالبة بحقوقهن. وهناك التقيت بعاطف كامل لأول مرة وجهًا لوجه. كان بسيطًا، ودودًا، جميل الحضور. بعد انتهاء الوقفة ذهبنا معًا ومع بعض الزملاء إلى أحد الأماكن القريبة، وجلسنا نحتسي الشاي ونتبادل الأحاديث. كان مشهدًا عاديًا ظاهريًا، لكنه كشف لي عن بساطة هذا الرجل وطيبته.

المشهد الثاني: بعد الثورة في كنيسة قصر الدوبارة

المشهد الثاني جاء بعد ثورة يناير، حين حضرت احتفال رأس السنة في كنيسة قصر الدوبارة، قلب الثورة النابض آنذاك. وهناك وجدته حاضرًا مع زوجته. سألته عنها، فقال بابتسامة عفوية: “دي زوجتي، وليست رفيقتي يا عم صموئيل”. ضحكت، فقد كنت أعلم أنه منفصل، لكنه أراد أن يوضح بثقة واعتزاز. تبادلنا الحديث طويلًا قبل أن ندخل الكنيسة، وكان حوارًا صادقًا عكس إنسانية هذا الرجل وحرصه الدائم على أن يظل واضحًا وصريحًا.

المشهد الثالث: في الكاتدرائية بالعباسية

أما المشهد الثالث، فكان في الكاتدرائية الكبرى بالعباسية أثناء انتخابات البابا. كنت هناك للتغطية الصحفية، فوجدته أيضًا حاضرًا. تبادلنا حديثًا وديًا ممتدًا، وشاركنا الأنبا أشعياء أسقف طهطا الحوار، حيث أفضى لعاطف كامل بالشكوى مما حدث له مع قناة CTV التي أسسها وصاغ فكرتها. كان عاطف منصتًا ومتفهمًا، كعادته دائمًا، يقدم الدعم والاهتمام لكل من حوله.

شغف بالعلم والإعلام

في تلك الفترة، كنت أدرس دبلوم الصحافة بكلية الإعلام لمدة عامين، وحين أخبرته بذلك، ابتسم قائلاً إنه حصل على نفس الشهادة. كان ذلك يعكس حرصه الدائم على التعلم والتطور، رغم خبرته الواسعة ومكانته المرموقة.

لقد كان عاطف كامل مدرسة في الإعلام، لكنه أيضًا كان إنسانًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى: ودودًا، صادقًا، قريبًا من الناس، حاضرًا في المواقف الكبيرة والصغيرة. لم يكن مجرد إعلامي أمام الكاميرا، بل كان رفيقًا وصديقًا، قادرًا على أن يترك بصمة في كل من يقترب منه.

رحل عاطف كامل، لكن ذكراه ستظل حاضرة في قلوبنا، وفي مشاهد حياتنا التي جمعنا فيها. لقد كان بحق إعلاميًا عظيمًا، وإنسانًا أروع.

رثاء

سلام لروحك الطيبة يا عاطف كامل، كنت نجمًا في الإعلام، وأخًا وصديقًا في الحياة. رحلت جسدًا، لكن مواقفك، وضحكاتك، وصدقك سيبقون في ذاكرتنا ما حيينا. عزاؤنا أنك تركت إرثًا من المحبة والوفاء لا يزول، وأن سيرتك ستظل عطرة بين من عرفوك وأحبوك

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى