عثمان الشيوخ يكتب صرخات غزة

صرخات غزة ورياح الضفة: الأخطار على الأبواب
مع اقتراب مرور عامين على الحرب والإبادة الجماعية في غزة، لم تعد أصوات القصف تدوي في القطاع المحاصر وحده، بل امتدت لتصل إلى الضفة الغربية. هناك، حيث باتت سياسات الاستيطان والتوسع الإسرائيلية علنية ومكشوفة، يقودها وزراء متطرفون مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غافير. هذا التوسع ليس مجرد احتلال للأراضي، بل هو جزء من مشروع أوسع وأخطر، يهدف إلى إقامة “إسرائيل الكبرى” من النيل إلى الفرات.
إن هذا المشروع لم يعد حلمًا سريًا، بل أصبح حقيقة يهدد استقرار كل دولة عربية وإسلامية. فما يحدث في الضفة الغربية اليوم هو استكمال لما جرى في غزة بالأمس، حيث يتم استباحة الأراضي وتهجير السكان، في ظل صمت دولي غير مبرر يبرز ازدواجية المعايير وضعف النظام الدولي وهشاشة مؤسساته.
ازدواجية المعايير والتهديدات السافرة
إن المشهد الحالي يبرز ضعف النظام الدولي وهشاشة مؤسساته. فبينما كان العالم يتابع مجاعة غزة، التي أعلنتها الأمم المتحدة جريمة حرب، كانت تصريحات المسؤولين الإسرائيليين السافرة تتوالى، متحدية كل القوانين والأعراف. لقد وقفت الولايات المتحدة، التي يفترض أن تكون حارسة للسلام، عائقًا أمام أي إدانة أو تحرك دولي، باستخدام حق النقض “الفيتو” ضد قرارات الأمم المتحدة.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فها هو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يطلق تصريحًا جديدًا، يطالب فيه بتهجير الفلسطينيين عبر معبر رفح، وهو ما أدانتة مصر بشدة من خلال وزارة خارجيتها. هذا التصريح ليس مجرد استفزاز، بل هو تهديد صريح للأمن القومي المصري، وتأكيد على أن هذه الحكومة المتطرفة لا تحترم سيادة الدول ولا القوانين الدولية.
تقصير دولي لا يغتفر
إن أبشع ما في هذه الكارثة هو تقصير العالم الذي يرى بأم عينه إبادة الأطفال والنساء والشيوخ. لقد أصبح القتل والإبادة يذاع على الهواء مباشرة، في مشهد لا يتحمله عقل ولا ضمير. ففي الوقت الذي تتعالى فيه أصوات الإدانة الخجولة، يستمر القصف والتجويع، وتغرق غزة في بحر من الدماء. هذا التقاعس العالمي حول أزمة إنسانية بهذه الفظاعة هو وصمة عار على جبين البشرية، ويطرح سؤالاً مؤلماً: هل فقدت الإنسانية بوصلتها؟
مصر في مواجهة التهديد الوجودي
إن هذا الموقف المصري الحاسم ليس وليد اللحظة، بل هو استمرار لسياسة ثابتة ترفض أي مخططات لتهجير الفلسطينيين وتصفية قضيتهم. فمصر تدرك أن الأمن القومي المصري مرتبط ارتباطًا وثيقًا بأمنها الجغرافي. إن أي محاولة لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء ستؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة، وخلق بؤرة توتر جديدة لا يمكن السيطرة عليها.
إن أحلام “إسرائيل الكبرى” التي تروج لها الجماعات المتطرفة، والتي تشمل أراضٍ مصرية، تجعل المواجهة مع هذه الأطماع أمرًا حتميًا لا مفر منه. إن هذه التهديدات تتطلب موقفًا عربيًا وإسلاميًا موحدًا، وليس مجرد بيانات إدانة، لأن الحل يكمن في وحدة الصف العربي والإسلامي. فما يحدث في غزة والضفة ليس مجرد قضية فلسطينية، بل هو قضية الأمة بأسرها. إن الاتحاد لم يعد مجرد حلم رومانسي، بل أصبح ضرورة وجودية للدفاع عن كياننا ومستقبل أجيالنا.
اللهم انصر من نصرهم واخذل من خذلهم
اللهم آمين يارب العالمين