مصر تطلق مشروع “التجلي الأعظم” بسانت كاترين باستثمارات تفوق 15 مليار جنيه وافتتاح 1000 وحدة فندقية ضمن المرحلة التجريبية هذا العام

في إطار استراتيجية الدولة المصرية الهادفة إلى تنمية سيناء وتحويلها إلى مركز جذب عالمي، أطلقت الحكومة مشروع “التجلي الأعظم فوق أرض السلام” بمدينة سانت كاترين، باستثمارات تتجاوز 15 مليار جنيه، ليكون واحدًا من أضخم المشروعات القومية في مجال السياحة الدينية والبيئية. ويأتي هذا المشروع ليضع سانت كاترين على خريطة المقاصد السياحية الروحية والبيئية الدولية، مستفيدًا من الطابع الفريد للمدينة التي تجمع بين قدسية المكان وجمال الطبيعة.

يعد المشروع بمثابة رؤية شاملة لإعادة إحياء مدينة سانت كاترين وتطوير بنيتها التحتية بما يتماشى مع مكانتها التاريخية والدينية، حيث تتضمن خطته إنشاء وتطوير مرافق سياحية وخدمية على أعلى مستوى، مع التركيز على مراعاة الخصوصية البيئية والروحية للمنطقة. وتشمل الاستثمارات إنشاء فنادق بيئية، مراكز للزوار، مسارات سياحية مجهزة، ومناطق خدمية توفر تجربة متكاملة للزائر. وكشفت وزارة السياحة والآثار أن المرحلة التجريبية من المشروع ستشهد افتتاح 1000 وحدة فندقية جديدة قبل نهاية العام الجاري، ما يعزز الطاقة الاستيعابية للمدينة بشكل كبير، ويمنحها القدرة على استقبال أعداد متزايدة من السياح والزوار، خاصة في ظل الاهتمام العالمي المتنامي بالسياحة الدينية والروحية.

تتميز سانت كاترين بخصوصية استثنائية؛ فهي تحتضن دير سانت كاترين الأثري المدرج على قائمة التراث العالمي لليونسكو، والذي يعود تاريخه إلى القرن السادس الميلادي، ويُعتبر من أقدم الأديرة المسيحية في العالم. كما تقع بالقرب من جبل موسى، الذي يعتقد أنه المكان الذي تلقى فيه النبي موسى ألواح الوصايا العشر، ما يجعل المدينة محط أنظار أتباع الديانات السماوية الثلاث. هذا البعد الروحي جعل من سانت كاترين “أرض التجلي” بحق، حيث يقصدها الزوار من مختلف الجنسيات طلبًا للسكينة والتأمل، إلى جانب الاستمتاع بجمال الطبيعة البكر الذي يميز جبالها الشاهقة ووديانها الفريدة. ومن هنا جاء اسم المشروع “التجلي الأعظم”، ليعكس روحانية المكان وقداسته.

يركز المشروع على تحقيق التوازن بين التنمية السياحية والحفاظ على الطابع البيئي الفريد للمدينة، إذ تتضمن خططه الاعتماد على الطاقة النظيفة، والحفاظ على المحميات الطبيعية النادرة، وتقديم خدمات صديقة للبيئة، بما يتماشى مع التوجه العالمي نحو السياحة المستدامة. كما أكد مسؤولو وزارة البيئة أن جميع المشروعات المنفذة في سانت كاترين تتم تحت إشراف بيئي دقيق، يضمن حماية التنوع البيولوجي الذي تزخر به المنطقة، بما في ذلك النباتات النادرة والحياة البرية.

إلى جانب القيمة السياحية والروحية، يحمل المشروع بعدًا اقتصاديًا مهمًا، حيث من المنتظر أن يسهم في خلق آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، سواء في مجال السياحة أو في القطاعات المساندة مثل النقل، الخدمات، والحرف اليدوية. كما يشكل المشروع فرصة لتنمية المجتمعات المحلية، عبر إشراك أبناء سيناء في منظومة التطوير بما يضمن استفادتهم المباشرة من عوائد التنمية.

لاقى المشروع إشادة من خبراء السياحة والآثار الذين أكدوا أنه يمثل نقلة نوعية لمصر على مستوى السياحة الروحية، خاصة في ظل ما تتمتع به سانت كاترين من مكانة استثنائية لدى شعوب العالم. كما أشارت تقارير دولية إلى أن المشروع سيجعل من مصر وجهة مفضلة للسائحين الباحثين عن تجربة مختلفة تجمع بين الروحانية، الثقافة، والطبيعة.

ومع افتتاح الوحدات الفندقية الجديدة ضمن المرحلة التجريبية هذا العام، يتوقع أن تشهد سانت كاترين طفرة كبيرة في أعداد الزوار ومعدلات الإشغال السياحي، وهو ما يفتح الباب أمام استثمارات إضافية محلية وأجنبية. ومن المقرر أن تتوالى المراحل التالية من المشروع خلال السنوات القادمة، لتتحول سانت كاترين إلى نموذج عالمي للسياحة المتكاملة التي تجمع بين الروحانية، الثقافة، والبيئة.

إن مشروع “التجلي الأعظم” لا يُعد مجرد تطوير سياحي، بل هو رؤية متكاملة لإحياء مدينة مقدسة وتحويلها إلى منارة للسلام والتسامح والتلاقي بين الأديان، بما يعكس رسالة مصر الحضارية والإنسانية إلى العالم، ويعزز من دورها كمركز إقليمي وعالمي للسياحة الدينية والبيئية

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى