الذكرى السادسة والعشرون لرحيل «تحية كاريوكا»: شخصية استثنائية أثّرت وجدان الجمهور العربي

يصادف اليوم السبت 20 سبتمبر مرور 26 عامًا على وفاة الفنانة الكبيرة تحية كاريوكا، إحدى أبرز نجمات الفن المصري التي رحلت في عام 1999 عن عمر يناهز 84 عامًا.
اسمها الحقيقي تحية محمد علي النيداني، وولدت في محافظة الإسماعيلية عام 1915، ثم انتقلت إلى القاهرة بحثًا عن فرصة فنية، وهناك اكتشفتها بديعة مصابني فضمّتها إلى فرقتها عام 1935.
كانت البداية في السينما من خلال تعرفها إلى الفنان سليمان نجيب الذي كان له دور مهم في حياتها، فساعدها على استكمال تعليمها في مدرسة فرنسية بعدما لاحظ قدراتها على نطق اللغة الفرنسية، كما علّمها فن السولفاج الموسيقي، وتعرّفت لاحقًا على الفنان نجيب الريحاني الذي قدمت معه لاحقًا فيلمها الشهير لعبة الست.
روت تحية كاريوكا عن الدعم الكبير الذي تلقته من ماري منيب التي اعتبرتها بمثابة أمّ ثانية، وكذلك عن احتضان نجيب الريحاني لموهبتها وتجاوزه توترها في أولى تجاربها التمثيلية، ورفع أجرها إلى 2500 جنيه وهو مبلغ كبير في تلك الحقبة. ورغم ترددها في البداية في الوقوف أمام الريحاني كراقصة ناشئة، اكتشفت على هامش تصوير اليوم الأول تواضعه وتشجيعه الكبيرين، بعيدًا عن غرور النجوم.
كانت تحية كاريوكا ممثلة بارعة ذات حضور قوي، وقد وقفت أمام كبار النجوم مثل يوسف وهبي ونجيب الريحاني، كما عملت مع نجوم جيلها مثل شكري سرحان وعماد حمدي وغيرهم.
أول علامة فارقة في مسيرتها جاءت من خلال فيلم بنت الهوى مع يوسف وهبي، واعتبرت المسرح الفن الأقرب إلى قلبها، حيث يتميز بالحضور اللحظي والتفاعل المباشر مع الجمهور، مؤكدة أن من يعملون به يشبهون فريق كرة القدم في روح التعاون.
قدّمت تحية كاريوكا خلال مسيرتها نحو 200 عمل فني تنوّعت بين السينما والمسرح والتلفزيون، وتميّزت فيها أدوارها القوية التي تركت بصمة واضحة في تاريخ الفن المصري.
في السينما، بدأت كراقصة ثم برزت كممثلة بارعة في أفلام مثل لعبة الست، شباب امرأة، شاطئ الغرام، إسكندرية كمان وكمان، السقا مات، سمارة، أم العروسة، الفتوة. ومع تقدّمها في العمر تألّقت في تقديم شخصية الأم بأسلوب إنساني مؤثر في أعمال بارزة مثل خلي بالك من زوزو، أم العروسة، صباح الخير يا زوجتي العزيزة، الجراج، يا تحب يا تقب. أسهمت هذه الأدوار في ترسيخ صورتها كفنانة متعددة المواهب قادرة على التجديد والتنوع.
قدمت أيضًا مجموعة من المسرحيات المهمة، بدأت مع الفنان إسماعيل ياسين، ثم أسست مع زوجها السابق فايز حلاوة فرقة تحية كاريوكا المسرحية، وقدم من خلالها 18 مسرحية، من أبرزها: كل الرجالة كده، يا الدفع يا الحبس، حضرة صاحب العمارة، روبابيكيا، المعلمة، يحيا الوفد.
كملت مسيرتها الفنية بالمشاركة في عدد من الأعمال التلفزيونية، من بينها سر الأرض، المنزل الخلفي، مخلوق اسمه المرأة، صابر يا عم صابر، حكايات هو وهي، القلوب عند بعضها وغيرها.
في خمسينيات القرن الماضي قررت اعتزال الرقص والتفرغ للمسرح والأعمال الدرامية، وبرحيلها فقد الوسط الفني شخصية استثنائية أثرت وجدان الجمهور العربي على مدى عقود، لكن إرثها الفني ما يزال حيًا ويجعل من اسمها حكاية لا تنتهي.
تظل تحية كاريوكا مثالاً للموهبة المتجددة والتفاني في العطاء الفني عبر المسرح والسينما والتلفزيون.