افتتاحية مجلة داعش تفضح التنسيق السري بينها وبين نتنياهو

تثير افتتاحية مجلة تنظيم ما يُسمى بـ”الدولة الإسلامية – داعش” الصادرة تحت عنوان “مأساة غزة” علامات استفهام واسعة، بعدما بدت وكأنها تتقاطع بشكل مريب مع أولويات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، وكأن الطرفين ينظمان عملهما في الخفاء. فبينما يسعى نتنياهو إلى تأجيج الخوف من المسلمين في أوروبا لإضعاف موجة التعاطف مع الفلسطينيين، جاءت دعوات داعش لتصب في الاتجاه نفسه عبر التركيز على استهداف أوروبا والجيوش العربية، وتجاهل الاحتلال الإسرائيلي الذي يشن حربًا مفتوحة على غزة ويحتل أراضي لبنان وسوريا.

أصدرت المجلة افتتاحيتها الأخيرة داعية إلى ما اعتبرته “نصرة المسلمين لإخوانهم”، وذلك عبر مسارين رئيسيين أولهما تنفيذ عمليات تستهدف التجمعات في دول أوروبا الغربية مثل بلجيكا وفرنسا وإنجلترا، وثانيهما استهداف الجيوش العربية. غير أن المثير للانتباه أن الافتتاحية لم تتطرق مطلقًا إلى الاحتلال الإسرائيلي، سواء داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة أو في لبنان وسوريا حيث تنتشر القوات الإسرائيلية على مقربة من التجمعات السكنية وتقوم وفود إسرائيلية بزيارات متكررة كما كشف مقال لرئيس تحرير صحيفة تايمز أوف إسرائيل عن رحلته الأخيرة إلى دمشق ولقاءاته مع مسؤولين سوريين.

هذا التجاهل لملف الاحتلال اعتبره مراقبون دلالة على أن خطاب التنظيم يصب بصورة غير مباشرة في خدمة مشروع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إذ يركز على تأجيج موجة “الإسلاموفوبيا” في أوروبا وإضعاف الحراك الشعبي والسياسي المتنامي هناك دعماً للقضية الفلسطينية. كما يسهم في تشويه صورة المقاومة من خلال ربطها بالإرهاب في وقت تشهد فيه العواصم الأوروبية دعوات متزايدة للاعتراف بفلسطين ومحاسبة إسرائيل على جرائمها في غزة.

ولم يكن اختيار هذه الدول الثلاث اعتباطيًا، فبلجيكا أقدمت مؤخرًا على اعتقال جنديين إسرائيليين متورطين في جرائم ضد المدنيين، بينما تشهد فرنسا وبريطانيا حراكًا شعبيًا واسعًا تضامنيًا مع الفلسطينيين. ومن هنا فإن استهداف هذه الدول يخدم عمليًا القوى الصهيونية الساعية لإضعاف تلك الأصوات المعارضة لممارسات الاحتلال.

وبذلك بدت افتتاحية داعش وكأنها تتجاهل العدو المباشر الذي تزعم مواجهته، وتوجه سهامها نحو العواصم الأوروبية والجيوش العربية، في خطوة وصفت بأنها تخدم الدعاية الإسرائيلية أكثر مما تخدم الشعب الفلسطيني أو قضيته العادلة

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى