التحطيب والمرماح: تراث سنوى يحيه مئات اللاعبين في أرض دندرة بقنا.. صور

تعتبر قرية دندرة في محافظة قنا مركزًا حضريًا يلتقط تاريخ المنطقة بطفل من التراث الشعبي والحضارة الفرعونية، فهي تقود الزائر إلى مزيج فريد من المعالم الأثرية والفعاليات الشعبية التي تعزز الهوية القناوية وتربط الماضي بالحاضر. في قلبها يقف معبد دندرة، صروح قديم شُيد لعبادة الإلهة حتحور، رمز الجمال والحب، وهو وجهة سياحية عالمية يقصدها الزوار لاكتشاف تفاصيل تاريخية فريدة ولتجارب روحية وثقافية غنية.

إلى جانب عبق التاريخ، تمثل قرية دندرة نموذجًا حيًا للحياة القنائية من خلال احتفالية التحطيب والمرماح التي تنظَّم سنويًا وتستقطب آلاف الأهالي والزوّار على مدار أيام. تقليد يحافظ على روح الألعاب الشعبية التي تمثل جزءًا لا يتجزأ من هوية قنا، ويمتد تاريخه بنقل مستمر من الآباء إلى الأبناء عبر سنوات طويلة.

التحطيب يعتبر من الألعاب التراثية التي تعتمد على العصي كعنصر أساسي في اللعب. تقام الحلقة الدائرية الكبيرة التي يجتمع حولها الجمهور في أجواء حماسية، حيث يتبارى فيها لاعبان تحت إشراف الحكم الذي يدير الدخول والخروج ويعلن الفائز، مع وجود تقنيات تهدئة من الحكماء عند تصاعد التوتر. تُباع العصي في أسواق محلية بأنواع وأوزان مختلفة، ويُفضَّل اختيار العصي الخفيفة لسلامة اللاعبين. تعكس هذه الرياضة مرونة المجتمع القنائي في الحفاظ على عادات شعبية تجمع بين المنافسة والتعاون وتبقي قيم الاحترام والتآلف حاضرة في الحلقات.

أما المرماح، فهو جزء آخر من الاحتفال يشارك فيه فرسان من مختلف الأعمار. يحضرون إلى ساحة النزال وفق موعد محدد، وقد يصل بعضهم محمولين على سيارات لنقل الخيول لوصول أسرع إلى المكان. تشهد فعاليات المرماح حضورًا واسعًا من الخيالة والمشاهدين الذين يتابعون المنافسات بشغف، مما يعزز روح المنافسة والولاء لتقاليد الفروسية القنائية التي توارثتها الأسر عبر الأجيال.

وتبرز مشاركة الأسر كعنصر محوري في هذه الاحتفالية، حيث تتعاون العائلات وتلتف حول فعاليات التحطيب والمرماح وتحرص على نقل الخبرات إلى الأبناء، مما يعزز الترابط الأسري ويقلل الفُرَق الاجتماعية عبر ممارسة مشتركة ترسخ الانتماء للمجتمع المحلي. هذه المشاركة الجماعية تبرز أيضًا كإطار تعليمي حي، تعلم فيه الأجيال الصغيرة قيم التراث والعمل الجماعي والاحترام المتبادل أثناء مشاهدة الألعاب أو المشاركة في تهيئة الظروف التنظيمية للحفل.

يجسد هذا المزيج بين المعالم التاريخية والأنشطة التراثية جمالية قنا، حيث تجمع دندرة بين عبق الماضي وتفاعل الحاضر، ما يجعلها وجهة تجمع السياحة الثقافية والتراث الشعبي في تجربة فريدة تنقل الزائر بين شواهد الحضارة وطقوس المجتمع المحلي بشكل حي ومؤثر.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى