رؤية قيادية لمستقبل التعليم العالي في عصر الذكاء الاصطناعي بجامعة القاهرة

عقدت قاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة جلسة عالية المستوى تناولت دور الذكاء الاصطناعي في مستقبل التعليم العالي من منظور قيادي، بمشاركة نخبة من رؤساء الجامعات المصرية والدولية وصنّاع القرار في التعليم العالي، وبحضور نواب رئيس الجامعة وعدد من عمداء الكليات وأعضاء هيئة التدريس والطلبة.

تم خلال الجلسة التأكيد على أن القيادة داخل المؤسسات التعليمية تشكل ركيزة أساسية لضمان استمرارية التميز والتطوير، وأن القائد المؤثر يمتلك رؤية مستقبلية يحفز زملاءه على الإبداع والتحويل من الأفكار إلى إنجازات، مع تبني رؤية استشرافية للمستقبل. كما أبرزت التحديات التي تواجه تطبيق الذكاء الاصطناعي في التعليم العالي، ومنها البنية التحتية والكوادر المدربة والتمويل والاستدامة وأخلاقيات الاستخدام، مع مناقشة أساليب الاستخدام الأمثل للذكاء داخل منظومة التعليم العالي.

وأكد الدكتور أحمد دلال، رئيس الجامعة الأمريكية بالقاهرة، أن هذه الفعالية تأتي في توقيت حاسم لمحاولة اللحاق بركب الذكاء الاصطناعي والتعامل معه في مختلف مؤسسات التعليم، بما فيها الدراسة الجامعية. كما شدد على ضرورة إعادة تعريف النزاهة الأكاديمية وتقييم الطلاب بطرق حديثة بدلاً من الأساليب التقليدية التي لم تعد مناسبة، مشيرًا إلى أن الجامعات تواجه تحديات تتعلق بالتكلفة والبنية التحتية والنزاهة والقدرة على المشاركة في صناعة الذكاء الاصطناعي.

وتحدث الدكتور مصطفى رفعت، أمين المجلس الأعلى للجامعات، عن حرصه على تخريج طالب يمتلك جاهزية متطلبات سوق العمل من خلال وضع سياسات لاستخدامات الذكاء الاصطناعي، مع الإشارة إلى إطلاق الإطار الاسترشادي للذكاء الاصطناعي في التعليم العالي بمصر، الذي يتضمن 10 محاور، من بينها نمط التدريس وكيفية استخدام المنصات بشكل فعال في عملية التعليم والتعلم. وأوضح أن الذكاء الاصطناعي ليس بديلاً عن أعضاء هيئة التدريس، وأن المجلس له دور امتد يتجاوز إعداد الأدلة الاسترشادية إلى تبني مبادرات؛ مشيرًا إلى إطلاق المجلس منذ نحو عام ونصف مساعدًا يعتمد على الذكاء الاصطناعي للرد على التساؤلات. وتابع بأن الذكاء الاصطناعي حضر حتى منذ عام 1950، وأن الكتلة الحاسوبية الضخمة سرعت من وتيرة الانتشار، وأن الدليل الاسترشادي الثالث لتحديث التقنيات ورسم أخلاقيات الذكاء الاصطناعي يعيش كمرحلة جديدة.

وأوضح الدكتور محمد ضياء، رئيس جامعة عين شمس، أن الجامعة لديها استراتيجية واضحة لاستخدامات الذكاء الاصطناعي تبدأ بالحوكمة ووضع إطار للاستخدام الأخلاقي، خاصة في مجال البحث العلمي وإعداد الرسائل العلمية، مشيرًا إلى أن الإطار العام للاستخدامات متاح لكافة أعضاء هيئة التدريس. كما لفت إلى تنظيم دورات تخصصية في الذكاء الاصطناعي منذ أغسطس 2025، وتدريب نحو 1600 عضو هيئة تدريس على قيادة التكنولوجيا الحديثة، مع وجود منصة داخل الجامعة لتطوير وسائل وسبل التعليم ونظم التدريس وبنوك أسئلة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.

وأكد الدكتور محمد لطفي، رئيس الجامعة البريطانية في القاهرة، أن الذكاء الاصطناعي أصبح محورًا رئيسيًا في عمل الجامعات عبر قطاعاتها المختلفة، مع الحرص على توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي في مستوى التعليم والتعلم والبحث العلمي. كما أشار إلى وجوب استحداث منصب نائب رئيس الجامعة للذكاء الاصطناعي في الجامعات المصرية، وفقًا للممارسات العالمية، ليكون مسؤولًا عن وضع الاستراتيجيات المتعلقة باستخداماته على جميع المستويات التعليمية والبحثية، سواء للطلاب أو أعضاء هيئة التدريس.

ناقشت الجلسة التحولات الجذرية التي يشهدها التعليم العالي في ظل تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ودور القيادة الجامعية في توجيه هذه التغيرات نحو منظومة تعليمية أكثر مرونة وكفاءة وجودة. كما تطرقت إلى نماذج التدريس والتعلم المدعوم بالذكاء الاصطناعي وقضايا نزاهة التقييم الأكاديمي والتخصيص الواسع لمسارات التعلم وتطوير قدرات أعضاء هيئة التدريس. كما استعرض المتحدثون آفاق تسريع البحث العلمي عبر أدوات الذكاء الاصطناعي التحليلية وبناء بيانات مؤسسية داعمة للابتكار، مؤكدين أهمية وضع سياسات واضحة للاعتماد والجهة المسؤولة عن الجودة وضمان الخصوصية والشمول والمساواة في الفرص التعليمية. كما شددوا على أهمية حوكمة البيانات الرقمية داخل الجامعات ووجود ميثاق أخلاقي لاستخدام الذكاء الاصطناعي، وسد الفجوات في المناهج التعليمية وتأثير الذكاء الاصطناعي على التعاون الدولي.

أوصت الجلسة ببناء قدرات القيادات الأكاديمية وأعضاء هيئة التدريس والطلاب في مجال الذكاء الاصطناعي، ودمج مفاهيم الذكاء الاصطناعي والتفكير النقدي في المناهج، مع إعادة النظر في معايير الحوكمة والاعتماد والجودة وتشجيع التعاون المؤسسي الإقليمي والدولي لسد الفجوة التعليمية. كما دعت إلى وضع إطار حوكمة واضح للذكاء الاصطناعي وخصوصية البيانات، مع إشراك الطلاب في رسم ملامح مستقبل الذكاء الاصطناعي للاستفادة من أفكارهم الإبداعية وامتلاكهم مهارات استخدام التكنولوجيا الحديثة.

اقرأ أيضاً: وزير التعليم العالي: الدولة المصرية داعم رئيسي للتعليم الفرانكفوني والجامعات؛ القومية نموذج للتعاون الدولي

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى