حسن الأسمر: صوت يغني وهو يتألم

يظل صوت حسن الأسمر علامة فارقة في الغناء الشعبي المصري، صوتٌ لا يكرر نفسه ويختزن حكاية الشارع المصري بمشاعر صادقة وتعبير حي عن الحياة كما هي.
يتميز صوته بخشونة دافئة أحياناً، وبمبحوح يفيض بالحياة أحياناً أخرى، ويتحرك بين الضحك والألم وهو يحضن العالم على كتفيه. لقد ظهر صوت الأسمر كظاهرة غريبة وجديدة علينا في حينه، فكان صادقاً في روايته للواقع وباستطاعته لمس قلوب الناس بسرعة غير عادية فاشتهر بسرعة البرق.
كان يغني ما يشعر به ويعكس ما يحمله بداخله، بلا أية وساطة أو تزييف، وهو ما جعل صناع الموسيقى الكبار يرون فيه آخر مطرب شعبي حقيقي عرفته مصر. صوته كان قريباً من أجواء أحياء القاهرة القديمة، مثل عابدين وشبرا والسيدة، وتغلب عليه موضوعات الوجع كعنوان رئيسي، حتى في أغانٍ تُدعى فرحاً. في أعماله تتجلى تلك الرؤية الإنسانية التي تقرب بين المتلقي والفنان.
غنى عن الحب والفراق والحياة غير العادلة، فصار صوته شاهداً على أن الغناء الشعبي الحقيقي هو صوت الناس وليس سوق الانتشار، غناءٌ يخرج من القلب ليخاطب القلوب. هذه الصفات جعلت منه رمزاً للاستمرارية في الهوية الفنية، لا سيما في ظل التغيرات المستمرة في المشهد الغنائي.
أكتب هذه السطور بمناسبة ذكرى ميلاد حسن الأسمر، الذي ولد في 21 أكتوبر ورحل عن عالمنا في 7 أغسطس 2011. ترك بصمةً لا تُمحى في تاريخ الأغنية الشعبية، غنى في ألبومات وأفلام ومسرحيات، وأغنيات عذبت القلوب وفرحتها في آن واحد. حتى اليوم، وتحت ظرف الزمن المتغير، تبقى أغانيه صالحة وتصلح للمشاعر في أي زمان؛ هي أغانٍ لكل الأزمنة، بقيت معنا ونمت في داخلنا.
مع التقدير لإرثه الفني، تظل أعماله شاهدًا حيًّا على عمق الغناء الشعبي الذي يختصر حياة الناس ويعكس صدقها بعيدًا عن صخب السوق.