عبد المحسن سلامة: كوشنر شاهد على جريمة العصر.. “غزة كأنها ضُربت بقنبلة نووية” شهادة من قلب واشنطن تفضح إسرائيل

في مشهدٍ يبدو وكأنه مأخوذ من كابوسٍ إنساني لا ينتهي، خرج جاريد كوشنر — صهر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وأحد أبرز المدافعين عن إسرائيل — ليصف ما رآه في قطاع غزة بأنه «يشبه انفجار قنبلة نووية». في حوار مع الكاتب الصحفي عبد المحسن سلامه نقيب الصحفيين السابق، تصريحٌ كهذا من رجلٍ كان طوال سنوات الصوت الأقرب لتل أبيب داخل البيت الأبيض، يهز الضمير العالمي ويضع الحقيقة أمام العالم: أن ما جرى في غزة لم يكن حربًا، بل مجزرةً مكتملة الأركان، استخدمت فيها إسرائيل كل ما تملك من أدوات القتل والتدمير على مدى عامين كاملين
تصريحات كوشنر — التي نشرتها صحيفة الجمهورية المصرية بتغطية متميزة — فتحت باب الأسئلة الواسع: إلى أي مدى تجاوزت إسرائيل حدود الإنسانية؟ ولماذا صمت العالم كل هذا الوقت؟ ومن سيدفع ثمن ما جرى؟
في هذا الحوار، نعرض الأسئلة الكبرى ونحاول تفكيك أبعاد المأساة التي تشهدها غزة، ونستخلص من كلمات كوشنر شهادة دامغة من قلب البيت الأبيض السابق على جريمة العصر.
س: من هو جاريد كوشنر وما موقعه من الإدارة الأمريكية السابقة؟
ج: كوشنر هو صهر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وزوج ابنته إيفانكا. كان أحد أهم مستشاريه في السياسة الخارجية، وصاحب نفوذ واسع في ملفات الشرق الأوسط. وهو يهودي الديانة، ومن أشد المؤيدين لإسرائيل، وقد لعب دورًا رئيسيًا في اتفاقات التطبيع المعروفة بـ«اتفاقات أبراهام».
س: ما الذي قاله كوشنر تحديدًا عن غزة؟
ج: في مقابلة مع شبكة «سي بي إس نيوز»، قال كوشنر إن مشهد غزة كان صادمًا ومحزنًا للغاية، وأضاف: «كأن قنبلة نووية انفجرت فيها». هذه الجملة وحدها تلخص حجم الكارثة الإنسانية التي خلفها العدوان الإسرائيلي، وتكشف أن ما حدث تجاوز حدود أي حرب تقليدية.
س: لماذا تعتبر هذه التصريحات صادمة رغم أنها من شخصية معروفة بتأييدها لإسرائيل؟
ج: لأن كوشنر لم يكن يومًا منتقدًا لإسرائيل، بل كان من أبرز المدافعين عنها. وحين يخرج شخص بمكانته، وبهذا القرب من مركز القرار الأمريكي، ليصف غزة بأنها «مدينة مدمرة كأنها ضُربت نوويًا»، فهذا اعتراف غير مسبوق من داخل المعسكر الداعم لإسرائيل نفسها، ويدحض كل مزاعمها عن “الدفاع عن النفس”.
س: هل يمكن مقارنة ما حدث في غزة بما جرى في هيروشيما ونجازاكي؟
ج: من حيث الدمار وعدد الضحايا، المقارنة مؤلمة لكنها واقعية. في هيروشيما ونجازاكي قُتل حوالي 220 ألف إنسان، أما في غزة فقد أسفر العدوان الإسرائيلي عن مقتل وإصابة نحو 300 ألف مواطن وفق التقديرات المبدئية. الفارق أن القنابل النووية دمرت المدينتين في لحظات، بينما دمرت إسرائيل غزة ببطء وعلى مدى عامين، في حرب إبادة متواصلة ضد البشر والحجر.
س: ما الذي تكشفه هذه الأرقام عن طبيعة العدوان الإسرائيلي؟
ج: تكشف عن «غلّ» غير مسبوق، وكراهية دفينة، وإرهاب منظم تمارسه دولة تمتلك ترسانة عسكرية ضد سكان مدنيين محاصرين. ما جرى في غزة ليس دفاعًا عن النفس كما تزعم إسرائيل، بل انتقام ممنهج، يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية.
س: كم تحتاج غزة لإعادة الإعمار؟ ومن يتحمل التكلفة؟
ج: الأمم المتحدة قدّرت المبلغ المبدئي بنحو 70 مليار دولار لإعادة إعمار غزة، وهو رقم يعكس حجم الكارثة. والمنطق يقول إن إسرائيل — بصفتها المسؤولة عن هذا الدمار — يجب أن تتحمل التكلفة كاملة، إذا كان هناك حقًا ما يسمى بالمجتمع الدولي والقانون الإنساني.
س: كيف يجب أن يتعامل المجتمع الدولي مع إسرائيل بعد هذه الشهادة؟
ج: يجب ألا تكون تصريحات كوشنر مجرد صدى في الإعلام، بل بداية لتحرك حقيقي. على الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي أن يوقفوا التغاضي عن جرائم الاحتلال، وأن يواجهوا «النازيين الجدد» في إسرائيل الذين يمارسون الإرهاب والتطرف يومًا بعد يوم. وأي تراجع عن هذه الصحوة بعد وقف إطلاق النار يعني ببساطة عودة المأساة من جديد، وربما بشكل أبشع.