آراء حول المتحف المصري الكبير: وزيرة التنمية المحلية في مقال لوكالة أنباء الشرق الأوسط

هذا المشروع يعكس رؤية حضارية لمصر تجمع بين حفظ التراث والتقدم المستدام والارتقاء بمكانة الدولة عالميًا. إنه خطوة جديدة في مسار التنمية التي تضع الإنسان والهوية في قلب العمل الوطني، وتفتح أمام ملايين الناس حول العالم نافذة لمعرفة آثار أجدادنا وقصصهم الملهمة، وتُبرز قدرة المصريين على البناء والبحث العلمي والتقدم.

المتحف المصري الكبير ليس مجرد صرح ثقافي، بل نموذج صديق للبيئة يتيح تطبيق معايير الاستدامة الشاملة، ليكون الأول من نوعه في الشرق الأوسط في هذا المجال، معبّراً عن التزام وطني ودولي بالتحول الأخضر. يعكس ذلك حرص مصر على تقديم تراثها الحضاري بصورة تعكس أمانتها الحضارية ومسؤوليتها تجاه العالم.

تنفذ وزارة البيئة خطة التحول الأخضر بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار وبتمويل ودعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) ومرفق البيئة العالمي (GEF)، مركّزة على الاعتماد على الطاقة الشمسية كمصدر رئيسي للكهرباء، بما يساهم في خفض البصمة الكربونية وتحقيق الاكتفاء الذاتي كنموذج نظيف. كما ترتكز الخطة على نظم ذكية لترشيد استهلاك الطاقة والمياه، وإدارة المخلفات وإعادة التدوير وفق أعلى المواصفات العالمية، والسعي إلى الحياد الكربوني عبر تقييم البصمة وتنفيذ مشروعات التعويض مثل التشجير والطاقة المتجددة، في رسالة تؤكد أن حماية البيئة جزء أساسي من مسؤوليتنا للأجيال القادمة.

ولا يقتصر تميز المتحف بيئيًا على بنيته فحسب، بل يمتد إلى رسالته التوعوية التي ستزوّد الزائرين بمعلومات حول أهمية الاستدامة ودور مصر الريادي في مواجهة التغيرات المناخية وصون الموارد الطبيعية، بما يؤكد أن حماية التراث المادي والحضاري لا يمكن أن تنفصل عن حماية البيئة.

إلى جانب هذه الرؤية البيئية الرائدة، يمنح المتحف بعدًا تنمويًا يواكب طموحات الدولة في بناء حاضر حديث قائم على الاعتزاز بالهوية. فهو ليس مجرد مشروع أثري أو سياحي، بل أحد أبرز المشاريع الوطنية التي تعيد صياغة مكانة مصر الحضارية وتقدّمها للعالم بوجه يستوفي قيم التاريخ والإنسان. كل قطعة أثرية داخل المعرض تحمل رسالة بأن المصري عبر العصور كان وما يزال صانع حضارة، ومؤمنًا بقيمة العمل والإتقان.

لقد أصبح هذا الصرح رمزًا لمرحلة جديدة من البناء الوطني، تتكامل فيها المشروعات الخدمية والاقتصادية مع المشروعات الثقافية، ليبقى الإنسان المصري في قلب عملية التنمية. منذ انطلاق العمل فيه، كان التنسيق بين الوزارات والهيئات نموذجًا للإدارة الرشيدة والتكامل المؤسسي، وهو ما يجعل من هذا المشروع مثالاً يحتذى في التخطيط والتنفيذ والدقة.

ويمثل المتحف نقطة انطلاق تنموية تواكب تطوير المنطقة المحيطة به، وتنشيط الصناعات التراثية، وخلق فرص عمل جديدة، ودعم الخدمات المحلية، بما يعزز من مردود اقتصادي واجتماعي مستدام للمجتمع المحلي، ويجسد تكامل التنمية المكانية مع التنمية الثقافية.

كما يعكس هذا المشروع إيمان القيادة السياسية بأن الحفاظ على الهوية الوطنية جزء لا يتجزأ من معادلة التنمية، وأن الاستثمار في الوعي لا يقل أهمية عن الاستثمار في البنية التحتية. فكل ما يجري من تطوير للقرى والمدن وتجميل الساحات يصب في بناء وطن قوي بجذوره، مزدهر بعقله، متماسك بروحه.

في وزارة التنمية المحلية، نرى في المتحف المصري الكبير نموذجًا للإدارة الواعية التي تضع المواطن في قلب التنمية وتربط الماضي بالمستقبل في إطار من العمل والعزيمة. نحن نؤمن بأن أي مشروع قومي، مهما كان مجاله، يندرج ضمن منظومة متكاملة تصنع وجه مصر الحديث وتبرز هويتها الراسخة في وجدانه لأبناء الوطن.

إن مصر التي بنت الأهرامات قادرة اليوم على بناء المتحف المصري الكبير، لتؤكد أن الحضارة ليست ذاكرة تُروى فحسب، بل مسيرة مستمرة من الإبداع والإنجاز يقودها شعب يقدر ما ورثه ويعيد استثمار تاريخها كقوة دافعة نحو المستقبل.

وتستمرّ مصر بخطى واثقة نحو المستقبل، جامعة بين الأصالة والمعاصرة، ومحمية لتراثها وبيئتها في آن واحد، لتثبت أن التنمية الواقعية بدأت منذ الآن وتستمر مع المصريين في كل يوم.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى