رئيس الجهاز المركزي للمحاسبة: بلغت نفقات مبادرة «حياة كريمة» نحو 1.4 تريليون جنيه

عُقِدت جلسة رفيعة المستوى ضمن فعاليات المؤتمر الدولي للإنتوساي في شرم الشيخ، وتناولت دور الأجهزة العليا للرقابة في مراجعة البنوك المركزية والأنشطة الحكومية خلال الأزمات المالية والاقتصادية. شارك في الجلسة رؤساء الأجهزة العليا للرقابة وخبراء دوليون وممثلو منظمات إقليمية، في إطار الاستعراض الذي تقوده المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة.

افتتح المستشار محمد الفيصل يوسف، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات ورئيس الإنتوساي، كلمته بتأكيد أن الأزمات المالية والاقتصادية تشكل اختبارًا حقيقيًا لقدرات الدول في إدارة الموارد العامة بكفاءة وشفافية. وشدد على أن وظيفـة الرقابة العليا لم تعد محصورة في فحص الإجراءات المالية فحسب، بل تتجاوز ذلك لتشمل تقييم أثر التدخلات الحكومية ومدى مساهمتها في تحقيق النمو والاستقرار وحماية الفئات الأكثر احتياجًا. كما أكد أن السؤال المحوري الذي ينبغي أن توجهه الأجهزة العليا للرقابة هو whether وجهة الإنفاق الحكومي والتدخّلات المالية خلال الأزمات تصب في المسارات الصحيحة أم لا، وهل الإعانات والموارد الضخمة تصل إلى المستهدفين فعلاً وتحقق النتائج المنشودة من حيث النمو والاستقرار، وهو ما يتطلب رؤية شاملة ومتكاملة لتعزيز الثقة العامة وتقليل مخاطر الأزمات.

ثم أوضح رئيس الإنتوساي أن مفهوم الرقابة الحديثة لم يعد يقتصر على التدقيق في الأرقام، بل يشمل تقييم الأثر باستخدام أدوات التحليل الاقتصادي الكلي والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، ما يوفر صورة دقيقة لصانعي القرار تساعدهم على اعتماد سياسات مالية ونقدية أكثر كفاءة. وأشار إلى أن التجربة المصرية تشكل نموذجًا متقدمًا، حيث يتولى الجهاز المركزي للمحاسبات مراجعة البنك المركزي المصري والأنشطة الحكومية المرتبطة بالأزمات، مع الحفاظ على استقلالية البنك وممارسة الرقابة الموضوعية على إدارة الموارد العامة، وهو توازن يضمن حماية المال العام دون المساس بالقرار النقدي.

جانب من الجلسة أشار إليه الأستاذ المحاسب محمد عبد الغني، نائب رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، حيث استعرض أوجه التكامل بين السياسة النقدية التي يديرها البنك المركزي والسياسة المالية التي تهم الحكومة في أوقات الأزمات. وذكر أن مصر من بين الدول المبكرة التي أرست هذا التناغم من خلال المادة 48 من قانون البنك المركزي رقم 194 لسنة 2020، التي نصت على إنشاء مجلس تنسيقي بين الجانبين لتحقيق الانسجام في القرارات الاقتصادية. كما أشار إلى أن التجربة المصرية في السنوات الأخيرة انعكست هذا التنسيق من خلال مبادرات مالية واجتماعية شاملة، منها مبادرة “حياة كريمة” لتطوير التجمعات الريفية بإجمالي إنفاق نحو 1.4 تريليون جنيه، ومبادرة “تكافل وكرامة” التي استهدفت الأسر الفقيرة وكبار السن وذوي الإعاقة بإجمالي إنفاق 41 مليار جنيه خلال عامي 2024 و2025، إضافة إلى حزمة التحفيز الاقتصادي التي أطلقتها الدولة خلال جائحة كوفيد-19 بقيمة 100 مليار جنيه لدعم القطاعات المتضررة، فضلاً عن دعم السلع التموينية والخبز بإجمالي 134.15 مليار جنيه خلال العام المالي 2024-2025.

وأبرز العرض المصري مراجعات الجهاز لهذه المبادرات ضمن اختصاصاته القانونية من الرقابة المالية ورقابة الأداء والالتزام،结果ًا توصيات عملية تلقتها الجهات المعنية ونفّذتها بما يعزز كفاءة الرقابة الداخلية وتوجيه الموارد العامة بما يخدم الأولويات الوطنية. كما تطرّق إلى مراجعة مبادرات البنك المركزي للتخفيف من آثار الأزمات، ومنها تمويل الشركات والمنشآت الصغيرة والمتوسطة والقطاعات المتضررة من الجائحة بإجمالي 100 مليار جنيه، ومبادرات دعم الأنشطة الصناعية والزراعية والطاقة الجديدة والمتجددة بقيمة نحو 90 مليار جنيه، إضافة إلى مبادرات إعادة هيكلة التسهيلات الائتمانية لدعم العملاء المتعثرين والحفاظ على استقرار أوضاعهم المالية.

وفي ختام الجلسة، اتفق المتحدثون على أن تصاعد مخاطر المراجعة خلال الأزمات المالية والاقتصادية يستلزم من الأجهزة العليا للرقابة تطوير أدوات العمل ومنهجيات الميدان، وتفعيل التعاون بين أجهزة الإنتوساي لتبادل المعرفة وتحديث الآليات الرقابية، بهدف ضمان جودة التقارير وموثوقية النتائج وتعزيز مبادئ الشفافية والمساءلة وثقة المواطنين في مؤسسات الدولة.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى