محكمة النقض تقطع الشك: الحاضنة لا تستحق أجر المسكن إذا امتلكت سكنًا خاصًا

تؤكد محكمة النقض في هذا الحكم النهائي مبدأً أساسياً في قضايا الحضانة والنفقة يعزز استقرار الأسر ويمنع استغلال إجراءات التمكين كوسيلة ضغط. الحاضنة التي تمتلك مسكنًا خاصًا بها، سواء كان ملكًا لها أو مؤجرًا، أو تقيم لديها إقامة مستقرة مع أهليها، لا تستحق أجر مسكن حضانة ولا التمكين من شقة الزوجية، إذ ينتفي بذلك شرط الاستحقاق ويهدف الحق إلى حماية الصغار من التشريد لا تحقيق مكاسب إضافية.
هذا الإطار القانوني يتوافق مع حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية الدستورية السابقة التي قضت بعدم دستورية فقرة من المادة 18 مكررًا ثالثًا من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929، التي ألزمت الأب بتهيئة مسكن للحاضنة مطلقًا، حتى لو كان للصغار مال كافٍ للسكنى أو كانت الحاضنة تملك مسكنًا تقيم فيه. العدل يقتضي أن يُراعى الواقع وتفهمه المحكمة لا الافتراضات القانونية المطلقة.
وشددت محكمة النقض في الطعن المشار إليه على أن التمكين من مسكن الزوجية أو المطالبة بأجر مسكن حضانة مشروط بعدم توافر مسكن بديل للحاضنة. الأصل في تقرير هذا الحق حماية الصغار من التشريد وضمان استقرارهم؛ فإذا كانت الحاضنة تقيم في مسكن مملوك لها أو مؤجر بعقد صحيح، أو إذا كانت لديها إقامة دائمة لدى ذويها، فقد تحقق الغرض ولا يجوز تحميل الأب التزامًا مزدوجًا.
وأكدت المحكمة أن قرارات التمكين التي تصدرها النيابة العامة هي قرارات وقتية تحفظية لا تمس أصل الملكية أو الحيازة، ولا تُقيّد المحكمة المدنية أو الأسرية عند النظر في النزاع حول المسكن. كما أنها لا تكون حكمًا قضائيًا نهائيًا ولا حجية له في ما يحسم الملكية أو أحقية الحاضنة في أجر المسكن أو الاستمرار فيه.
يُعد هذا المبدأ القضائي توجيهًا واضحًا لتوازن الحقوق بين الأم والأب، إذ لم يعد يجوز الاعتماد على التمكين كأداة ضغط أو كسب مادي على حساب حقوق الطرف الآخر أو مصلحة الأطفال. فالحضانة ليست أداةً للمكايدات بل مسؤولية تجاه رعاية الصغار، ولا يجوز الجمع بين امتلاك الحاضنة لمسكن خاص وطلب أجر مسكن أو التمكين من شقة الزوجية إذا كان الواقع يوفر لها مسكنًا كافيًا وآمنًا.
وباختتام هذا المسار القضائي، يُرسي الحكم قاعدة العدالة الواقعية في قضايا الحضانة والنفقات، حيث يُسقط أجر المسكن أو التمكين عندما يكون هناك بديل مناسب للحاضنة، ويُعيد ضبط المعايير بناءً على الواقع الفعلي واحتياجات الأطفال، بعيدًا عن الاجتهادات المتضاربة التي أثرت سلباً في الاستقرار الأسري.