النور يمتد إلى القلوب المتألمة

بقلم القس الدكتور بطرس فلتاؤوس
في كل مرة نقترب فيها من الأطفال، وبالأخص من ذوي الهمم والمرضى، ندرك أننا نقترب من قلب الله نفسه. فهؤلاء الصغار، الذين ربما ينظر إليهم العالم بنظرة احتياج أو ضعف، تراهم عينا الرب غالين ومكرمين. قال الرب يسوع بوضوح يفوق الوصف:
“دعوا الأولاد يأتون إليّ ولا تمنعوهم، لأن لمثل هؤلاء ملكوت السموات.”
بهذه الكلمات وضع المسيح مبدأً سماويًا لا يخضع لزمن، بل يبقى شاهدًا على عظمة قيمة الإنسان في قلب الله.
من هذا الإيمان العميق، انطلقت الخدمة التي نكرسها بمحبة ورحمة لأطفالنا الأحباء من ذوي الهمم والمرضى. لم تكن مجرد مبادرة اجتماعية، ولا فعلًا عابرًا بدافع العاطفة، بل هي امتداد عملي لمحبة المسيح. عندما نحمل إلى هؤلاء الأطفال هدايا عيد الميلاد، نحن لا نمنح أشياء، بل نمنح رسالة… نمنح إحساسًا بأنهم ليسوا وحدهم، وأنهم محبوبون ومقبولون ومكرّمون.
عيد الميلاد هو حدث الفرح والسلام، ليس لأنه لحظة تاريخية، بل لأنه لحظة ولادة الرجاء. في كل مرة نعانق طفلًا متألمًا، أو نضع هدية بين يديه الصغيرة، نحن نعلن أن ميلاد المسيح ما زال يحدث اليوم. نعلن أن الفرح أقوى من الألم، وأن الرجاء أقوى من الدموع، وأن المحبة أقوى من كل شيء.
وفي كل زيارة نقوم بها، وفي كل يد نصافحها، نرفع صلاتنا للرب أن يعطي هؤلاء الأطفال القوة والشفاء والرجاء، وأن يفتح لهم أبواب المستقبل بالنعمة والرحمة. نصلي أيضًا أن يسدّد الرب كل احتياج لعائلاتهم، وأن يمنحهم عزاءً وسلامًا في مسيرتهم اليومية.
ولا بد من كلمة تقدير لكل يد تمتد لتخدم، ولكل قلب يعطي دون انتظار مقابل. نصلي أن يبارك الرب القس جرجس وكل العاملين معه في هذا العمل الرائع المملوء رحمة. هؤلاء الأشخاص الذين قرروا أن يكونوا جسورًا لمحبة الله، وأن يمضوا إلى الأماكن التي تحتاج نورًا، لا حديثًا فقط.
نحن لا نخدم من أجل أن نُرى، ولا من أجل أن نُقدَّر؛ نحن نخدم لأن المسيح أحبنا أولًا.
ويظل وعد الرب لنا يرن في القلب كأعظم تشجيع:
«كُلُّ مَا صَنَعْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي قَدْ صَنَعْتُمُ.»
(متى 25: 40)
هذه ليست مجرد خدمة… إنها عبادة.
ليست مجرد مبادرة… إنها رسالة.
رسالة تؤكد أننا حين نلمس يد طفل متألم، نحن في الحقيقة نلمس يد المسيح نفسه.
القس الدكتور بطرس فلتاؤوس
رئيس مجمع الكنائس المعمدانية