محمد عبد اللاه يكتب: مشكلة النظام الفاسد

لا أظن أن الصحف والمجلات المصرية حققت رواجا أكثر من الذي حققته في فترة سقوط الرئيس حسني مبارك سنة 2011.
أنا مثلا لم أترك واردة ولا شاردة دارت بها المطابع طوال تلك الفترة إلا واشتريتها رغم أني كنت أجد مختلف الصحف والمجلات في مكتب وكالة رويترز للأنباء حيث أعمل.
ظللت أفضل أن تكون النسخ الخاصة بي موجودة في المنزل أقرأها من الغلاف إلى الغلاف، كما يقولون، عندما يتيسر لي ذلك.
مع سقوط النظام سقط الغطاء عن مستودع الأسرار الذي كان مبارك يبني حوله الحصون المنيعة، وانكشف الكثير والكثير عن الفساد الذي استشرى في البلاد على مدار 30 سنة.
رأيت الناس يتسابقون على شراء الصحف ومطالعة الصفحات ليعرفوا كيف كان مبارك يحكمهم، وكيف كان يسرقهم، وكيف كان يكذب عليهم.
كانت اللهفة على القراءة زائدة لدى الكبار والشباب وسط أنباء إلقاء القبض على الوزراء وكبار المسئولين ورجال الأعمال من بطانة مبارك وابنه جمال.
وزادت اللهفة مع إلقاء القبض على الأسرة الرئاسية، باستثناء سوزان مبارك، ومع توالي المحاكمات والأنباء عن هروب هذا الوزير أو ذاك.
كان شيئا مذهلا سعى مبارك طيلة رئاسته لتجنبه بتوريث الحكم لجمال الابن الأصغر.
لم يكن مبارك يريد أن يحدث له ولأسرته، بعد أن يترك المنصب، ما حدث لعصمت السادات وأولاده من محاكمات وإهانات بعد اغتيال أنور السادات.
كان مبارك يعرف أن توريث الحكم لابنه في حكم المستحيل لخروجه على المألوف في نقل السلطة منذ قيام نظام 23 يوليو 1952. لكن لم يكن أمامه إلا أن يعافر.
مشكلة النظام الفاسد أن طريق خروجه غير آمن.
أدخل مبارك تعديلا على الدستور ليضمن أن يفوز جمال في منافسة شكلية على الكرسي الكبير.
قبله، أدخل السادات تعديلا على الدستور ليبقى في الحكم مدى الحياة.
قبلهما، حرص جمال عبد الناصر على البقاء في السلطة رغم أن حكمه كان أقل فسادا أو خاليا تقريبا من الفساد.
رحم الله زعماءنا الثلاثة، عبد الناصر والسادات ومبارك، وأحسن مثواهم.
(الرجاء تجنب التعليقات المتجاوزة مع الامتثال لمعايير فيسبوك التي تحظر خطاب الكراهية والتحريض على العنف)
(مشاركة المنشور تفيد مزيدا من الأصدقاء)