مستشار المركز العربى للدراسات: الإخوان يتلقون ضربة مالية عابرة للحدود

أعلن أبو بكر الديب، مستشار المركز العربي للدراسات والباحث في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، أن الأمر التنفيذي الذي وقّعه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتصنيف بعض فروع جماعة الإخوان كمنظمات إرهابية يشكل أقوى ضربة مالية تواجهها الجماعة منذ تأسيسها قبل نحو قرن. كما أشار إلى أن القرار يمثل تحولاً جذرياً في تعامل واشنطن مع الشبكات المالية العابرة للحدود المرتبطة بها. وبيّن أن القرار يفتح باباً لتجفيف مصادر التمويل التي تعتمد عليها الجماعة داخلياً وخارجياً، سواء كانت تلك التمويلات مباشرة أم عبر واجهات اقتصادية وخيرية وشركات عابرة للدول. وفي هذا السياق أكد أن إدراج فروع الإخوان في مصر ولبنان والأردن ضمن التصنيف الأمريكي يوضع مجمل النشاط الاقتصادي للجماعة تحت المجهر، مع توضيح أن واشنطن تعتبر هذه الفروع شبكات مالية قد تسهم في زعزعة الاستقرار أو تقديم دعم غير مباشر لأطراف مسلحة في الإقليم.
قال الديب إن القرار ليس رمزاً سياسياً فحسب، بل يفتح باباً واسعاً لتجفيف مصادر التمويل التي تعتمد عليها الجماعة داخلياً وخارجياً، سواء أكانت هذه التمويلات ثابتة أم عبر واجهات اقتصادية وخيرية وشركات عابرة للدول. وأوضح أن إدراج فروع الإخوان في مصر ولبنان والأردن ضمن التصنيف الأمريكي يوضع مجمل النشاط الاقتصادي للجماعة تحت المجهر، مع توضيح أن واشنطن تعتبر هذه الفروع شبكات مالية قد تسهم في زعزعة الاستقرار أو تقديم دعم غير مباشر لأطراف مسلحة في الإقليم. وأشار إلى أن ذلك ليس استهدافاً للأفراد فحسب، بل إلى هيكل الاقتصاد ذاته. وفي هذا الإطار أكد أن القرار يركز معظمه على الشبكات المالية غير الرسمية أكثر من استهداف الأفراد بشكل مباشر.
البنية المالية للجماعة
شرح الديب أن اقتصاد الإخوان يعتمد على طبقة المؤسسات والكيانات المعلنة، مثل مدارس التعليم ومراكز المقاولات والشركات الطبية والمؤسسات التعليمية. وتتكامل مع ذلك طبقة الشركات الواجهة التي تُدار بأسماء لا تشير مباشرة إلى التنظيم. وتتوافر أيضاً طبقة الاقتصاد الموازي التي تشمل نشاطات تجارية غير رسمية وصناديق مالية داخلية تعتمد على اشتراكات الأعضاء. كما توجد طبقة التمويل الخارجي التي تتحول من داعمين أفراد ومنظمات صديقة في مناطق مختلفة.
أوضح الديب أن ما يميز اقتصاد الجماعة هو اعتمادها على نموذج طبقي مالي يضم طبقة المؤسسات والكيانات المعلنة، وطبقة الشركات الواجهة، والاقتصاد الموازي، إضافة إلى التمويل الخارجي. وأضاف أن النظام يتيح مرونة في الحركة المالية ويصعب ملاحقته مباشرة من قبل الجهات الرسمية. كما أكد أن قدرة التنظيم على التحول والتكيف من أقوى سماته، وهو ما يجعل تأثير أي إجراء مالي كبير يتطلب وقتاً لتقييمه وتعديل المسارات. وتابع بأن القرار الأميركي سيعيد ترتيب أطر التمويل ويجعل الشكوك تحيط بكافة الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالجماعة.
أوضح أن تأثير القرار سيطال خصوصاً الطبقة الثانية والثالثة والرابعة من بنية الجماعة، إذ يعتمد التصنيف الأمريكي على الاشتباك مع الشبكات المالية غير الرسمية أكثر من استهداف الأفراد بشكل مباشر. كما أشار إلى أن إدراج فروع الإخوان في مصر ولبنان والأردن ضمن دائرة التصنيف يجعل مجمل النشاط الاقتصادي للجماعة تحت المراقبة الدقيقة. وتبقى النتيجة النهائية للقرار مرتبطة بقدرة واشنطن على فرض إجراءات حازمة تمس المعدات المالية العابرة للحدود وتقييد الحركة المالية للكيان المصنف.
مصادرة الأصول وتقييد حركة الأموال
أشار الديب إلى أن أهم ما يترتب على القرار هو إمكانية تجميد أي أصول مرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بفروع الإخوان أو المنظمات المشتبه بارتباطها بها داخل الأراضي الأمريكية أو ضمن النظام المالي الأميركي، بما في ذلك حسابات أفراد ورجال أعمال، أو شركات لها تعاملات بالدولار. كما أكد أن النظام المالي العالمي المرتبط بالدولار يجعل أي كيان يدخل ضمن نطاق التصنيف عُرضة لإجراءات شديدة مثل رفض البنوك الدولية التعامل وتجميد التحويلات وإغلاق الحسابات المشبوهة ووضع الشركات المرتبطة به على قوائم الفحص المشددة. وأوضح أن هذه الإجراءات ستؤدي إلى اختناق مالي، لأن جزءاً كبيراً من نشاط الجماعة يعتمد على التحويلات الدولية وليس على النقد المحلي فحسب. كما أشار إلى أن تعطيل التحويلات والأنشطة المرتبطة بالدولار سيؤثر على حركة التمويل عبر قنوات بنكية ومراسلة دولية.
أكد أبو بكر الديب أن هذه الإجراءات ستصيب الحركة المالية للجماعة بضغط شديد وتؤدي إلى تشديد التدقيق على أي كيان مرتبط بها داخل النظام المالي العالمي، وهو ما سيؤثر على قدرتها على التحرك عبر القنوات المصرفية الدولية. كما أشار إلى أن الانكفاء المالي الناتج عن ذلك سيعيد تشكيل قدرتها على تمويل مشاريع داخلية أو دعم أفرع خارجية، وهو ما يفرض إعادة ترتيب لخريطة مصادر التمويل المتاحة لها. وفي هذا السياق يرى أن القيود ستخفض الاعتماد على التحويلات وتزيد الاعتماد على مصادر محلية أو نقدية، لكنها لن تحل مشكلة الحركة عبر الحدود بشكل كامل.
ضرب الشركات الواجهة وتأثير اقتصاد الظل
أوضح الديب أن أخطر ما يواجهه التنظيم بعد القرار الأميركي هو سقوط الغطاء عن الشركات الواجهة التي طالما استخدمتها الجماعة لتحقيق أرباح تموّل نشاطاتها أو تمرر عبرها عمليات نقل أموال. وأشار إلى أن الشركات التي تعمل في مجالات المقاولات والصرافة والتعليم والتجارة الدولية والخدمات اللوجستية والاستثمار العقاري قد تخضع الآن لمراقبات مشددة، خصوصاً تلك التي تتعامل بالدولار أو تجري التحويلات عبر بنوك أمريكية أو بوسطات مالية مرتبطة بنظام سويفت. وأكد أن اقتصاد الظل الذي يعتمد عليه التنظيم، سواء عبر صناديق اشتراكات الأعضاء أو أنشطة غير رسمية، لن يكون بمنأى عن التأثر، لأن الضغط القانوني والمالي يدفع عادة إلى تضييق دائرة التحرك ورفع درجة المخاطر لكل من يتعامل مع الجماعة.
التأثير على التمويل الداخلي للحركات التابعة
قال أبو بكر الديب إن فروع الجماعة في المنطقة كانت تعتمد على شبكات تمويل محلية يعاد تدويرها داخل كل بلد، لكن القرار الأمريكي سيؤدي إلى ضعف الثقة بين الممولين وتلك الفروع. وسيؤدي ذلك إلى إحجام رجال الأعمال عن الاستمرار في تقديم الدعم المالي خوفاً من الملاحقة القانونية. كما ستتعرض المؤسسات الخيرية المرتبطة بالجماعة لضغوط متزايدة بشأن مصادر التمويل، وتزداد صعوبات تحويل الأموال بين الدول خصوصاً إذا كان فرع ما يخضع لتصنيف أمريكي. وتؤدي هذه التداعيات إلى فراغ مالي يحتاج إلى سنوات لتعويضه.
التبعات على الاستثمارات والتحويلات
وأضاف الديب أن النشاط الاستثماري للجماعة خارج المنطقة يعتمد على الاستثمار في أسواق آمنة تقليدياً كالأسهم والأدوات المالية، ومع القرار الأميركي ستواجه هذه الاستثمارات صعوبات إضافية. وأوضح أن أي فرد له ارتباط تنظيمي معلن أو مشتبه به سيواجه تدقيقاً ضريبياً ومراجعات على مصدر الأموال وربما تجميد للأصول إن كان نشاطه ضمن جهة مصنفة. وأكد أن جزءاً من الثروة السائلة للجماعة سيصبح عالقاً أو صعب الحركة، ما يؤدي إلى تراجع القدرة على تمويل مشاريع داخلية أو دعم أفرع خارجية.
الضربة المعنوية وتأثيرها على السوق
أشار الديب إلى أن القرار يتجاوز الجانب المالي، إذ يؤدي إلى تآكل الثقة التنظيمية داخل الجماعة ويزيد التكلفة السياسية والاقتصادية على أي جهة تتعاون معها. وأضاف أن الشركات الواجهة التي كانت تظهر ككيانات مستقلة ستواجه صعوبات في الحفاظ على صورتها أمام الحكومات والبنوك، ما يعرضها لمزيد من التدقيق والمشكلات القانونية. كما يؤدي هذا الوضع إلى اضطراب في الأسواق المحلية في الدول التي كانت تعتمد على استثمارات أعضاء الإخوان في قطاعات مثل التعليم والصحة والتجارة.
هل يمثل القرار نهاية اقتصاد الجماعة؟
لا يعني القرار اختفاء اقتصاد الإخوان، ولكنه يجعل كل نشاط مالي قائم على السرية صعباً، وكل نشاط معلن عرضة للملاحقة. وقد يحاول التنظيم تقليل الاعتماد على التحويلات وزيادة الاعتماد على النقد وتقليل حجم الشركات والواجهات، والاعتماد على شبكات محلية بدلاً من الشبكات الدولية. لكن هذه البدائل أقل كفاءة وأكثر مخاطرة ولن تعالج الضربة الكبرى المتعلقة بفقدان القدرة على الحركة المالية عبر الحدود. وتوقع الديب أن يمثل القرار أعنف وأوسع تهديد مالي يواجهه التنظيم منذ عقود، وأن الأشهر المقبلة ستشهد إعادة رسم خريطة الاقتصاد الإخواني في المنطقة.