قرار يُقرأ جيدًا: تعيين اللواء أحمد شمس مديرًا لمكتب الرئيس للشؤون العسكرية

يأتي قرار تعيين سيادة اللواء أحمد شمس مديرًا لمكتب السيد الرئيس للشؤون العسكرية ليحمل دلالات تتجاوز كونه مجرد نقل وظيفي أو إجراء بروتوكولي؛ فهو قرار يترجِم رؤية واعية قائمة على اختيار القيادات التي أثبتت حضورها في الميدان قبل أن تثبتها المناصب. فهذا الاختيار يؤكد أن الدولة وضعت ثقتها في قائد عسكري مشهود له بالكفاءة، والخبرة، والانضباط، والقدرة على إدارة الملفات الحساسة بصمت وكفاءة واتزان.
لقد انحدر اللواء أحمد شمس من مدرسة عملية بامتياز؛ مدرسة الميدان والاختبارات الحقيقية والمواقف التي لا ينجو منها إلا أصحاب الإرادة القوية والرؤى الواضحة. مر بمحطات عمل شكلت شخصيته العسكرية الصلبة، فاكتسب معرفة دقيقة بتفاصيل الأرض وطبائع الناس وطبيعة العمليات، وأثبت قدرة واضحة على إدارة الملفات الميدانية بأعلى درجات الانضباط وأقل نسب مخاطرة، مما جعله من القادة الذين تُبنى عليهم الثقة وتُوكل لهم المواقع ذات الحساسية العالية.
في المؤسسة العسكرية يحظى اللواء شمس باحترام يمنح من التجربة وليس من المجاملة، ومن العمل وليس من الكلمات. فهناك قادة تفرض المناصب احترامهم رسميًا، وهناك القائد الذي يفرض حضوره بطبيعته وسلوكه وشخصيته، وهذا ما يُجمع عليه زملاؤه ومرؤوسوه؛ إذ يُعرف عنه القيادة الهادئة التي لا تقوم على الضوضاء بل على الثبات والوضوح والفهم قبل إصدار التعليمات، وهو ما جعل مسيرته المهنية سلسلة من الثقة المتبادلة والسمعة الطيبة داخل أروقة المؤسسة العسكرية.
كما أن العلاقات الإنسانية التي يتمتع بها اللواء شمس لم تكن يومًا مجاملة ظرفية، بل نتاج سلوك ثابت يوازن بين الحزم المطلوب في العمل وبين احترام الإنسان، وهي معادلة لو أدركتها كل القيادات لكانت الطريق ممهدة للنجاح دون صدام أو تعقيد. فقد عرفه كل من تعامل معه قائدًا يستمع قبل أن يقرر، ويقدر الجهد قبل أن يحاسب، ويضع الحد بين الشخص والمبدأ، وهي صفات يحتاجها أي منصب يتقاطع فيه العسكري بالسياسي، والمكتب بالميدان، والقرار بالواقع.
أما في إدارة الملفات العليا، فالرجل يجيد قراءة اللحظة واستيعاب ما بعدها، يجيد التحليل والتفسير واتخاذ القرار المدروس، ويحوّل الرؤى إلى إجراءات والخطط إلى واقع عملي واضح يفهمه الجميع وينفذونه دون ارتباك. وخبرته في التعامل مع الملفات الحساسة تجعل وجوده في هذا الموقع رسالة طمأنينة تؤكد أن الدولة تتحرك بعقلية التخطيط لا برد الفعل، وأن القيادات تُختار بمعايير القيمة والخبرة وليس على أساس تدوير المناصب أو المجاملة الوظيفية.
إن تعيين اللواء أحمد شمس مديرًا لمكتب الرئيس للشؤون العسكرية خطوة تلقى إشادة وقبولًا واسعًا، لأنه يمثل نموذجًا للقائد الذي جمع بين صلابة الميدان وهدوء المكتب، بين الانضباط العسكري والرؤية الهادئة، بين احترام المؤسسة وإدارة الإنسان، فجاء القرار بمثابة وضع الرجل المناسب في المكان الذي يصنع الفارق.
إنها بداية لمسؤولية رفيعة المستوى يتحملها قائد يعرف قيمة الموقع الذي يشغله ويقدّر حساسية الملفات التي تتجمع على طاولة مكتبه، وهي خطوة يقرأها المتابعون باطمئنان، ويستقبلها كل من عرف الرجل بإعزاز، وتأتي لتؤكد مرة أخرى أن الدولة ما زالت تراهن بثقة على أصحاب الكفاءة والإنجاز، وتعيد الاعتبار لكل من أثبت تفوقه وقيادته وجدّيته؛ فبمثل هؤلاء تُبنى المؤسسات وتشتد الأوطان.