وزير التجارة يدعو لتحرير تدريجي للتعريفات الجمركية بين الدول الأفريقية

أعلن المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، أن الأولوية هي المضي في إجراءات ذات أولوية لتفعيل اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية، بدءًا من تعزيز سلاسل الإمداد الأفريقية من خلال التحرير التدريجي للتعريفات الجمركية بما يدعم الروابط الإنتاجية بين الدول ويعزز حضور المنتجات الأفريقية داخل الأسواق القارية. شارك في المنتدى الذي عُقد في مدينة مراكش بمملكة المغرب بحضور أمين عام اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية وعدد من وزراء التجارة الأفارقة. أشار إلى أن هذه الإجراءات تمهد لتنفيذ ملموس في التجارة والإنتاج وتوفير فرص عمل عبر القارة.
أولويات التنفيذ وربط الأسواق
أوضح الخطيب في كلمته رؤية مصر وأولويات المرحلة المقبلة لتعزيز مسار التكامل الاقتصادي في القارة. وأشار إلى أن المنتدى يمثل منصة حيوية لدفع الجهود نحو تنفيذ الاتفاقية على الأرض. وأكد أهمية استغلال هذه المنصة لربط الدول الأفريقية بسلاسل قيمة مشتركة تعمل على زيادة التجارة والاستثمار داخل أفريقيا.
أكد الخطيب أن القارة واجهت خلال السنوات الأخيرة تحديات اقتصادية وتنموية، لكنها كشفت عن فرص كبيرة للنمو. وأوضح أن الانتقال من مرحلة التفاوض إلى التنفيذ الفعلي يتطلب مزيدًا من الالتزام لتحقيق نتائج ملموسة في التجارة والإنتاج وتوفير فرص العمل داخل القارة. وتابع أن هذه التحولات تتطلب تضافر الجهود بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني لضمان الاستدامة.
إشارات نحو التكامل القاري المحكوم
قال الخطيب إن اجتماع مجلس وزراء التجارة السابع عشر الذي استضافته القاهرة كان خطوة محورية، حيث شدد على مبدئي عدم ترك أي دولة خلف الركب وتحقيق تكامل يأخذ في الاعتبار فروق القدرات بين الدول الأكثر نموًا والدول الأقل نموًا. كما شهد الاجتماع تقدمًا تقنيًا مهمًا في قواعد منشأ قطاعي المنسوجات والملابس والسيارات، إضافة إلى الانتهاء من ملحق حقوق الملكية الفكرية كمرتكز لإطار تنظيمي حديث.
وأضاف أن الاجتماع الوزاري التكميلي المنعقد في 20 أكتوبر 2025 أسهم في تعزيز الزخم التنفيذي للاتفاقية، حيث تم الانتهاء من مسارات إضافية ووضع خطوات عملية لدعم التشغيل الكامل لجداول التعريفات، بما يسهل حركة البضائع داخل القارة ويعزز التكامل وفق أجندة أفريقيا 2063. وتابع أن هذه المسارات ستسهم في تحقيق أهداف السوق القارية الموحدة وتسهيل الاستثمارات بين الدول الأعضاء. كما أكد أن التقدم التقني يفتح بابًا أمام تصنيع وتوريد أسرع وأكثر فاعلية على المستويين الحكومي والخاص.
وأوضح الخطيب أن اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية تمثل إطارًا اقتصاديًا ضخمًا يجمع أكثر من 1.4 مليار نسمة وناتجًا محليًا إجماليًا يتجاوز 3.4 تريليون دولار، مؤكدًا أن القيمة الحقيقية لهذا الإطار تتحقق عندما تتحول هذه القدرات إلى نتائج فعلية في الإنتاج والتجارة والاستثمار. وشدد على أن التنفيذ الفعلي للاتفاقية يترجم الالتزامات إلى مشاريع إنتاج وخدمات وفرص عمل مستدامة في مختلف أنحاء القارة. كما لفت إلى أن نجاحها يعتمد على وجود آليات تقودها وتساندها مؤسسات وطنية وإقليمية فاعلة.
وشدد الخطيب على ضرورة تعزيز دور القطاع الخاص باعتباره المحرك الأساسي الذي يستطيع ترجمة التزامات الاتفاقية إلى استثمارات ومشروعات صناعية وخدمات وفرص عمل جديدة، مع الإشارة إلى أن مشاركة مجتمع الأعمال في المنتدى تعكس جاهزيتهم للعمل المشترك. وأوضح أن وجود ممثلي القطاع الخاص في الحوار يؤكد أهمية التنسيق بين الحكومات وقطاعات الإنتاج لتمكين المشروعات من الانطلاق. كما دعا إلى توسيع قاعدة الشركاء وتنسيق المبادرات بين الأطراف المعنية لتعظيم الفوائد القارية.
ولفت إلى أهمية تعزيز نظم الدفع والتسوية المالية في القارة، مؤكدًا أن نظام الدفع والتسوية الإفريقي PAPSS أصبح أداة رئيسية لدعم التجارة البينية عبر تمكين المعاملات بالعملات المحلية وخفض التكاليف وتحسين كفاءة الحركة عبر الحدود. وأوضح أن تطبيق PAPSS سيسهل دخول الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى السوق القاري الموحد من خلال تقليل أوقات المعاملات وتوحيدها. وشدد على أن استمرار التوسع في هذه النظم يربط بين سياسات الدول ويعزز الثقة في الاستثمار القاري.
كما أكد الخطيب على ضرورة تحسين بيئة الاستثمار والتجارة عبر تطوير البنية التحتية وتحديث الخدمات اللوجستية وتبسيط الإجراءات ووضع أطر تنظيمية واضحة تدعم الإنتاج والتبادل التجاري. واعتبر أن تحسين الخدمات الحيوية سيؤدي إلى تسريع حركة السلع وتخفيض تكاليف التداول عبر الدول. وأشار إلى أن الإصلاحات يجب أن ترتكز على إشراك القطاع الخاص وتبني معايير جودة وشفافية تضمن جاذبية الأسواق الأفريقية الداخلية والخارجية.
وشرح أن المنتدى يمثل مساحة مهمة للحوار وتبادل الرؤى وتحديد خطوات عملية لتعزيز بناء سوق أفريقية موحدة، مع التركيز على احتياجات القطاع الخاص وتطابقها مع أولويات التنمية في الدول الأفريقية. وأوضح أن بناء سوق موحدة يستلزم تنسيقاً مؤسسيًا وقوانين مرنة وحوافز استثمارية تشجع على الإنتاج المشترك. كما أشار إلى أن مسارات التنفيذ يجب أن تراعي التوازن بين سرعة الدول الكبرى وحاجة الدول الأقل نموًا إلى دعم وتسهيلات.
وتشير تقديرات التجارة البينية الأفريقية إلى أنها لا تتجاوز 15% من إجمالي تجارة القارة، مؤكدًا أن التنفيذ الفعّال للاتفاقية قادر على رفع هذه النسبة بصورة ملموسة، بما يعزز النمو ويزيد الاستثمار ويوفر فرص أوسع للشباب والمرأة. كما لفت إلى أن هذا التحسن سيسهم في توفير فرص عمل جديدة وتحفيز الابتكار المحلي عبر سلسلة قيمة إقليمية أقوى. وأشار إلى أن النهوض بالتجارة يستلزم دعم مؤسسات البحث والتطوير وتيسير بيئة الأعمال في الدول الأعضاء.
اختتم الخطيب كلمته بدعوة المشاركين إلى تعميق التعاون خلال الفعاليات ومتابعة المسارات الجديدة التي تسرع تنفيذ الاتفاقية وتوسّع الاندماج الصناعي والتجاري عبر القارة. كما دعا مجتمع الأعمال إلى استثمار هذه المنصة لتطوير الشراكات وإبرام الاتفاقيات والمبادرات التي تدعم مشهد التجارة والاستثمار في أفريقيا، مؤكدًا أن مراكش 2025 تمثل محطة فارقة نحو قارة أكثر تكاملًا وإنتاجًا وازدهارًا.