جامعة القاهرة تستعرض مستقبل الصناعات الإبداعية ودور التراث في تعزيز القوة الناعمة

تحت رعاية الأستاذ الدكتور محمد سامي عبد الصادق، رئيس جامعة القاهرة، وبإشراف الأستاذ الدكتور محمود السعيد، نائب رئيس الجامعة لشؤون الدراسات العليا والبحوث، نظّمت المكتبة المركزية الجديدة بجامعة القاهرة، يوم الأحد الماضي، ندوة علمية بعنوان «الصناعات الإبداعية بين الأصالة والمعاصرة».
وأدارت الندوة الأستاذة الدكتورة سرفيناز أحمد حافظ، مديرة المكتبة المركزية، وتضمّنت محاضرة رئيسية ألقاها الأستاذ الدكتور عادل بدر، أستاذ بكلية التربية النوعية – قسم التربية الفنية، تناول خلالها مفهوم الفن والتراث بشقّيه المادي وغير المادي، مؤكدًا أن التراث يُمثّل جسرًا حيًا يربط الماضي بالحاضر والمستقبل، وأن الحفاظ على الهوية الثقافية والتاريخية يُعد ركيزة أساسية لبناء مجتمع قوي ومزدهر.
واستعرض الدكتور عادل بدر الفروق بين الصناعات الثقافية والصناعات الإبداعية، موضحًا خصائص وأهمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة في هذا القطاع، مع التركيز على واقع وآفاق الصناعات الإبداعية في مصر، ودورها المتنامي على المستويين الاقتصادي والاجتماعي. كما قدّم تحليلًا للعناصر المصرية المُسجّلة على قائمة التراث الثقافي غير المادي بمنظمة اليونسكو، مسلطًا الضوء على نماذج من التراث الحرفي البدوي.
وتطرّق المحاضر، بشكل مفصّل، إلى «المطبخ المصري» بوصفه أحد أبرز تجليات التراث غير المادي، مشيرًا إلى أنه لا يقتصر على تلبية الاحتياجات البيولوجية فحسب، بل يُشكّل جزءًا أصيلًا من الهوية الجمعية وأداة للتعبير البصري والثقافي. وبيّن كيف تجلّى المطبخ المصري في السينما والمسرح والفنون التشكيلية كرمز للهوية والانتماء، وكيف استُخدم الطعام كوسيلة لسرد الحكايات الاجتماعية والتاريخية، والتعبير عن الطبقات الاجتماعية والفترات الزمنية المختلفة. كما أشار إلى تحوّل المطبخ المصري إلى مصدر إلهام في مجالات التصميم الحديثة، وهويات المطاعم، وتغليف المنتجات.
وأكد الدكتور بدر تنامي الاهتمام بتوثيق الأطباق الشعبية باعتبارها جزءًا من الهوية البصرية القومية، مشيدًا بالجهود المبذولة في هذا الإطار من خلال المتاحف، والمطبوعات، والمهرجانات الثقافية المتخصصة.
وشدّدت الندوة على أن الحرف البدوية والصناعات الإبداعية في مصر تُمثّل حكاية حضارية ممتدة، وروحًا ومهارة متوارثة عبر الأجيال، مشيرة إلى أنها تُعد اليوم من أهم أدوات القوة الناعمة المصرية، وركيزة أساسية في اقتصاد الإبداع. كما أوضح التحليل، استنادًا إلى المؤشرات الدولية، أن مصر تحتل مراكز متقدمة في صادرات الخدمات الثقافية والإبداعية والسلع الإبداعية، وهو ما يُمثّل نقطة قوة ودافعًا لتعزيز دورها في جهود التنمية المستدامة والتحول المعرفي.
وعلى هامش الندوة، أُقيم معرض فني مصاحب للحرف والفنون البدوية، ضمّ أعمالًا لمجموعة من الفنانين المخضرمين والشباب، وعرض نماذج فنية متنوعة عكست ثراء الأساليب والتقنيات التشكيلية والتعبيرية.
وشهدت فعاليات الندوة والمعرض حضور عدد من أعضاء هيئة التدريس والعاملين والطلاب بجامعة القاهرة، إلى جانب ضيوف من خارج الجامعة، في إطار دعم الجامعة للحوار الثقافي وتعزيز دورها في خدمة المجتمع وتنمية الوعي بالتراث الوطني.