وكيل جهاز المخابرات: نتنياهو يُشعل حرب غزة هربًا من السجن والمحاكمات بعد الفشل العسكري والفساد

كتب – صموئيل العشاي:

أكد اللواء محمد رشاد، وكيل المخابرات العامة السابق ، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يدير حربه على قطاع غزة بدوافع سياسية بحتة، تركز على تحقيق مصالحه الشخصية وعلى رأسها الحفاظ على موقعه في قيادة الحكومة، وتأمين استمرار هيمنة التيار اليميني المتطرف على مفاصل الحكم في إسرائيل.

ولفت رشاد الذي ترأس الملف العسكري الإسرائيلي بجهاز المخابرات العامه ما بين ١٩٦٧ وحتي كامب ديفيد، إلى أن نتنياهو لم يتمكن حتى الآن من تحقيق أي من الأهداف العسكرية التي أعلن عنها مع بداية العمليات العسكرية، ما يعكس فشلًا ذريعًا على الأرض، يقابله تصعيد متكرر يعكس ارتباكًا سياسيًا أكثر منه تكتيكًا عسكريًا مدروسًا.

أوضح رشاد أن نتنياهو يعتبر استمرار الحرب ضرورة سياسية لا غنى عنها، فوقف العمليات العسكرية من شأنه أن يفتح أبواب المحاسبة والملاحقات القضائية المرتبطة بملفات فساد ثقيلة تطارده، إلى جانب إخفاقاته الأمنية الكبيرة في هجوم السابع من أكتوبر، وهو الحدث الذي شكل زلزالًا داخل المجتمع الإسرائيلي والمؤسسة الأمنية على السواء. وبيّن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي دأب على إشعال فتيل الحرب كلما اقتربت دائرة الأزمات الداخلية من خنقه، مستغلًا حالة الطوارئ للتغطية على مشكلاته القانونية والشخصية.

أشار اللواء محمد رشاد إلى أن الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب لا تمارس ضغطًا حقيقيًا أو كافيًا على حكومة نتنياهو لوقف الحرب، بل تمده بدعم سياسي واسع النطاق، ما يمنحه غطاءً دوليًا للاستمرار في تصعيد العمليات دون حساب. وأكد أن التحذيرات التي أطلقها المبعوث الأمريكي حول غياب الأهداف الواضحة للحرب لم تؤثر على الموقف الإسرائيلي، بل بدت أشبه بمحاولة لرفع العتب أمام المجتمع الدولي، بينما تُركت غزة تحت رحمة آلة الحرب.

وصف رشاد الوضع في قطاع غزة بأنه مأساة إنسانية مكتملة الأركان، مشيرًا إلى أن الحرب تجاوزت حدود المواجهة العسكرية لتتحول إلى انتهاك يومي فاضح لكل القوانين الدولية والمواثيق الإنسانية، حيث يتعرض المدنيون لاستهداف مباشر، وتُدمر المنشآت الحيوية والبنية التحتية بطريقة ممنهجة لا تترك مجالًا للشك في النوايا التدميرية المتعمدة. وقال إن ما يجري في غزة لم يعد صراعًا بين جيشين، بل عملية انتقام جماعي ضد شعب أعزل.

أكد رشاد أن الجيش الإسرائيلي بات يتفنن في قصف المناطق السكنية والأحياء المكتظة، وهو ما يشكل انتهاكًا سافرًا لكل القيم الأخلاقية والدينية والإنسانية، مشددًا على أن فصائل المقاومة لم تُهزم كما يدّعي الإعلام الإسرائيلي، بل ما تزال تحتفظ بقدراتها وتتحرك عبر شبكة الأنفاق التي لم تفلح الضربات الجوية في القضاء عليها. ولفت إلى أن نتنياهو يعوّل على الضغط العسكري لفرض شروطه في المفاوضات، رغم معرفته المسبقة أن المقاومة لم تنكسر، وأن شروط حماس ظلت واضحة وثابتة وتتمثل في وقف إطلاق النار، والانسحاب الكامل من القطاع، وإجراء تبادل عادل للأسرى.

أما عن الوضع الداخلي في إسرائيل، فقد أشار رشاد إلى تنامي التطرف بشكل غير مسبوق داخل المجتمع الإسرائيلي، حيث باتت قطاعات واسعة ترفض أي مشروع لحل الدولتين أو الاعتراف بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة. وأكد أن هذا الميل المتزايد نحو العنف والتشدد يصب في مصلحة نتنياهو، ويمنحه رصيدًا إضافيًا للبقاء في الحكم، حيث يلبّي تطلعات القاعدة اليمينية التي باتت تسيطر على المزاج العام في إسرائيل. واستبعد رشاد أي تراجع من جانب نتنياهو، مشيرًا إلى أن استمراره في الحرب لم يعد خيارًا عسكريًا، بل ضرورة سياسية تضمن له البقاء، مشددًا على أن أهداف نتنياهو لا علاقة لها بالأمن أو الردع، بل ترتبط مباشرة بمستقبله السياسي ومصيره القضائي.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى