قرار تاريخي من البابا تواضروس: عيد دخول المسيح أرض مصر يتحوّل إلى مناسبة قومية خالدة… وسيامة أساقفة جدد تسطّر صفحات مضيئة في سفر الوطن والكنيسة

كتب- صموئيل العشاي:
في مشهد كنسي بهي ومهيب، وبروح وعي وطني وروحي فائق، أقدم قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، على خطوة تاريخية غير مسبوقة، حين قرر أن تُجرى سيامة وتجليس عدد من الأساقفة الجدد في يوم دخول السيد المسيح إلى أرض مصر، بدلاً من موعد السيامة التقليدي الذي يأتي في عيد حلول الروح القدس (العنصرة).
هذا القرار اللافت لم يكن مجرد تعديل في التقويم الكنسي، بل هو رسالة روحية ووطنية عميقة تعيد الاعتبار لمناسبة لا مثيل لها في تاريخ أي دولة في العالم: لحظة دخول المسيح الإله المتجسد إلى أرضها، باحثًا عن الأمن والأمان من وجه الشر والاضطهاد، فوجد في مصر الحضن الآمن والحماية الإلهية.
البابا تواضروس يرسم بوعي الراعي طريقًا جديدًا في الوجدان المصري
بقراره هذا، أراد قداسة البابا أن يقول إن عيد دخول المسيح أرض مصر يجب أن يكون في قلب الوعي القومي المصري، لا مجرد مناسبة كنسية. إن هذا اليوم المجيد، الذي يوافق الأول من يونيو من كل عام، هو تاج على جبين مصر، وشهادة أبدية أن الرب نفسه قد اختارها لتكون مأوى ومسرحًا لخطته الخلاصية.
البابا تواضروس، بتلك الخطوة، لا يكتفي بالدور الرعوي بل يمتد بدوره إلى رسم ملامح جديدة لهوية مصر الروحية، حيث يزرع في الضمير الجمعي للشعب كله أن أرضهم أرض مقدسة، وطأتها أقدام المسيح، وتباركت بنظرة أمه العذراء.
إنها دعوة صريحة لكل مؤسسات الدولة أن تعتمد هذا اليوم عيدًا قوميًا رسميًا، يُحتفل به على مستوى الوطن، تمامًا كما يُحتفل بيوم تحرير سيناء أو السادس من أكتوبر، لأنه يوم يعكس قدسية هذه الأرض في التاريخ الإلهي، لا في السياسة وحدها.
رسامة ٦ أساقفة و٣ أساقفة عموم في
في ظل هذه المناسبة الروحية الفريدة، جرت طقوس سيامة وتجليس عدد من الآباء الأساقفة، الذين حملوا شعلة جديدة في خدمة الكنيسة، داخل مصر وخارجها، وهم:
رسامة أساقفة على إيبارشياتهم:
• نيافة الأنبا إيلاريون أسقفًا على إيبارشية البحيرة وتوابعها.
• الأنبا أندراوس السرياني أسقفًا لإيبارشية مرسى مطروح والخمس مدن الغربية.
• الأنبا ثيؤفان أفا مينا أسقفًا لإيبارشية برج العرب والعامرية ١ و٢.
• الأنبا غبريال المحرقي أسقفًا لدير القديس مكاريوس السكندري بالقلالي.
• الأنبا دانيال الجورجي أسقفًا لإيبارشية دير مواس ودلجا.
• الأنبا ديسقوروس الأنطوني أسقفًا لإيبارشية جنوب ألمانيا ودير الأنبا أنطونيوس بكريفل باخ.
سيامة أساقفة عموم:
• الأنبا أولوجيوس البراموسي أسقفًا لقطاع عين شمس والمطرية.
• الأنبا ياكوبوس الأنبا بيشوي أسقفًا لقطاع الوايلي وحدائق القبة.
• الأنبا أغناطيوس السرياني أسقفًا عامًا في إيبارشية قنا.
هؤلاء الآباء الجدد يحملون مشعل الخدمة، على درب الرسل والشهداء، بروح من الاتضاع، والعلم، والحكمة، ليكونوا جسورًا بين الكنيسة وأبنائها، وبين الوطن وروحه الإيمانية الأصيلة.
دخول المسيح أرض مصر… ليس فقط عيدًا كنسيًا بل يوم وطني خالد
لقد آن الأوان أن يُرفع هذا العيد إلى مكانته القومية اللائقة، وأن تتعامل معه الدولة المصرية، بكل مؤسساتها، باعتباره علامة فخر إلهي لم تنلها أية أمة سوانا. مصر لم تكن فقط منقذةً للرب في طفولته، بل ظلت حاضنة لدعوته في قلوب المؤمنين بها، في كنيسة تحيا منذ ألفي عام، وتشهد على المجد الإلهي في وسط أرض الواقع.
اختيار البابا لهذا اليوم تحديدًا ليجري فيه السيامة، ليس اختيارًا طقسيًا فقط، بل هو بيان وطني عميق بأن الكنيسة والمجتمع يسيران معًا في درب البناء الروحي والإنساني. فالدين في مصر ليس انعزالًا بل هو أساس في العمق الحضاري والإنساني.
في زمنٍ تشتد فيه الحاجة للثوابت، يتقدم البابا تواضروس بثابت جديد في الوجدان المصري.
هو لا يصنع فقط لحظة سيامة، بل يحيي ذاكرة مقدسة.
هو لا يرسم فقط حدود إيبارشية، بل يعيد رسم حدود المعنى الوطني والديني.
هو لا يعيّن أساقفة فقط، بل يثبت أن المسيحية في مصر رسالة شعب لا يُقهر… وأرض لا تُهزم… وهوية لا تبهت.
فلنحتفل معًا بعيد دخول السيد المسيح إلى مصر،
ليس كعيد كنسي فقط…
بل كعيد وطني خالد، يليق بوطن باركه الرب بقدميه.