رجل المخابرات… الغائب الحاضر في ظلك وظنّك

في عالمٍ يُصنع من التفاصيل، ويُرسم بخطوطٍ لا يراها إلا من وُهِب بصيرةً لا تُشترى، يبرز رجل المخابرات كواحدٍ من أكثر الشخصيات غموضًا وإثارةً. إنه معك… وليس معك. تراه… ولا تراه. حاضرٌ في كل مشهد، لكنه غائبٌ عن كل ظن. يقوم بدوره قبل أن يلحظ أحد وجوده، ويصنع الطريق قبل أن تلمح أثرًا له. رجل يسبقك بخطوة، بل بخطوات، يُهندس لك مصيرك من حيث لا تدري، ويمهد لك أرضًا لا تعرف من رصفها.

هذا الرجل يتقن فن التخفي، يتقن التلون، ويتقن الصمت حين تكون الضوضاء سيدة الموقف. قد تراه يومًا في هيئة رجل بسيط، ترتسم على وجهه ملامح الطيبة والبساطة، وربما يمر بك في لحظة أخرى فيثير فيك القلق بنظرة حادة تخترق أعماقك دون استئذان. يُطمئنك حينًا، ويُربكك حينًا، ويتركك تتساءل في صمت: من يكون؟ ما قصته؟ وما دوره في كل هذا؟

هو ذاته من يتخفى خلف شخصية رجل لا يملك حتى ثمن العشاء، يختلط بالناس كواحدٍ منهم، يسمع أكثر مما يتكلم، ويبتسم أكثر مما يُبدي من انفعال. أو لعله سمسار انتخابات، يُجيد التلاعب بالكلمات، ويُبهر من حوله بحسّه الشعبي، أو يظهر كصاحب ضحكةٍ خفيفة، يسكن المقاهي ويجيد فنّ الإنصات. وربما تراه في صورة عاملٍ عادي، لا يلفت النظر، ولا يثير الريبة.

لكن الحقيقة أنه لا يُمكن رؤيته على حقيقته. لا وجه له ثابت، ولا هيئة يمكن اختزالها، ولا درب يوصل إليه، ولا مفتاح يفتح أبوابه. هو رجل بلا توقيع… وبلا ظلال. لا يملكك، ولا تملكه. وقد يكون أقرب الناس إليك: أخوك، صديقك، زميلك، رفيق درب لا تظن به إلا البساطة. وقد يكون مجرد عابر سبيل، يدخل حياتك صامتًا ويخرج منها بهدوء، ولا تدرك وزنه إلا حين يغيب.

رجل المخابرات لا يسعى للظهور، ولا يطلب التقدير. يعمل في صمت، كمن ينحت في جدار الوطن بيده العارية، دون أن يترك توقيعه. يُخفي نفسه لتُعلَن الحقيقة، ويُخفي دوره لتظهر الدولة قوية وآمنة. هو درعُ الوطن الذي لا يُلمس، وظله الذي لا يُرى. هو الصوت الذي لا يُسمع، لكنه حاضر في كل قرار، في كل منعطف، في كل لحظة توشك أن تنفلت فيها الأمور.

إنه حارس الحكايات غير المروية، وبطل الصفحات التي لا تُكتب، وحامي الوطن الذي لا ينام من أجل أن ننام نحن في أمان.

هكذا هو… رجل المخابرات

اظهر المزيد

تعليق واحد

  1. تحية إجلال وتقدير لكل رجال مصر الشرفاء وعلي رأسهم رجال الظل الحاضرين الغائبين.

    ندعوا لهم بدوام الصحة وموفور العافية، فهم الأعين الساهرة كي ننام ملء الجفون. وهم مقدمة الصفوف عند درء الخطر حتي قبل أن يصل إلينا. منكرون لذواتهم؛ لا ينتظرون شكراً أو تقديراً؛ لايعرفهم الناس ولكن يكفي أن الله يعرفهم.

    يحملون أيديهم علي أكفهم، يحاربون شياطين الأرض من أجل حماية مصر، لايبالون بما يلاقون من صعاب أو أهوال.

    مبادئهم لا تعرف كلمة مستحيل، وعقولهم متقدة وأذهانهم حاضرة معروفون في كل بلاد العالم بأنهم أقوي الرجال و أشدهم علي عدوهم.

    قد لايعرفونهم بصفاتهم وملامحهم، ولكن أعمالهم تدل علي مدي براعتهم وصدق ادائهم، لايخشون إلا الله وكل همهم هو أمن البلاد في كل النواحي.

    أكرر التحية والتقدير لكل من يحمي مصر من كل شر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى