اللواء محمد عبد العظيم يكتب عن كواليس واسرار قافلة الصمود

خلال الأيام الماضية، دعت بعض الجهات، أبرزها الهلال الأحمر وبعض الجمعيات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني بدولتي الجزائر وتونس، إلى تنظيم وتحريك قافلة تحت مسمى “قافلة الصمود” صوب الأراضي المصرية مرورًا بدولة ليبيا، أملًا في الوصول إلى منفذ رفح البري، بدعوى تقديم المساعدات الإنسانية، والتعبير عن التضامن، وإظهار الدعم العربي للشعب الفلسطيني، ومحاولة ما يسمونه “كسر الحصار” عن الشعب الفلسطيني بقطاع غزة.
ويشارك في هذه القافلة ما يقرب من ألفي ناشط جزائري وتونسي وموريتاني ومغربي… وعلى الرغم من نُبل الشعارات التي يرددها المشاركون ظاهريًا، والتعبير عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة، إلا أن هناك العديد من الجوانب الأخرى التي يجب وضعها في الاعتبار، منها ما يلي:
مثل تلك القوافل تتطلب وجود تنسيق مسبق بين القيادات السياسية بتلك الدول والقيادة السياسية المصرية، للوقوف على حقيقة الجهات الداعية والمنظمة لها.
تحديد الأفراد المشاركين وبيان هويتهم وانتماءاتهم.
بحث كيفية تقنين حصول المشاركين على التأشيرات اللازمة لدخولهم الأراضي المصرية.
تحديد خطوط سير القافلة.
كيفية التأمين الإداري والمعيشي للمشاركين خلال مدة الرحلة.
الإجراءات الأمنية المطلوب اتخاذها لتأمين القافلة خلال رحلتي الذهاب والعودة داخل الأراضي المصرية.
… وهذا لم يحدث حتى الآن.
والغريب في الأمر أن القيادات السياسية لتلك الدول قد امتنعت عن حضور القمة العربية في بغداد، التي عُقدت خلال الشهر الماضي، والتي كانت تهدف إلى تشكيل ضغط عربي على المجتمع الدولي للوصول إلى حل نهائي للانتهاكات الصارخة من الاحتلال الإسرائيلي داخل أراضي قطاع غزة. وعلى الرغم من ذلك، لم تقم الجهات الداعية لتنظيم المسيرة بالدعوة إلى أي وقفات احتجاجية داخل بلدانهم، للاحتجاج على موقف قياداتهم، أو التنديد بعدم حضور القمة لدعم القضية الفلسطينية وقطاع غزة، أو حتى للمطالبة بتحرك جوي أو بحري من جيوشهم لنُصرة الشعب الفلسطيني.
كما أن الجهات الداعية للقافلة تعلم علم اليقين أن الجانب الإسرائيلي قد قام بإغلاق كافة المعابر البرية، ولن يسمح بدخولهم إلى قطاع غزة. وفي الوقت نفسه، كان بإمكانهم التحرك بحرًا تجاه القطاع لمحاولة كسر الحصار، وهو الأمر الذي يثير العديد من علامات الاستفهام حول النوايا الحقيقية لتلك الجهات. وتشير كافة الدلائل إلى أن هذا التحرك المشبوه تقف خلفه أجهزة أمنية أجنبية معادية، تحرك بعض عناصر حركات الإسلام السياسي في تلك البلدان لخدمة العدو الصهيوني ومخططاته، الساعية إلى تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة.
وهناك العديد من المخاوف الأمنية التي قد تشكل تهديدًا للأمن القومي المصري، منها احتمال تسلل عناصر محرضة على الشغب ضمن أفراد القافلة، ومن ثم حدوث تجاوزات على الحدود المصرية، أو احتكاكات مع قوات التأمين، أو اندفاع إلى الفاصل الحدودي، مما قد يترتب عليه ردود أفعال، سواء من الجانب المصري أو الإسرائيلي تجاه أفراد القافلة.
وحتى الآن، لم تصدر عن القيادة السياسية أي ردود أفعال بشأن القافلة، سواء بالموافقة على دخولها أو بمنعها، إلا أن كافة الشواهد تشير إلى عزم المشاركين الدخول في احتكاكات مع العناصر الأمنية داخل ليبيا أو على الحدود المصرية، بهدف إحراج القيادة السياسية والادعاء كذبًا بأن مصر هي التي تحاصر فلسطين، وليس إسرائيل.
وعلى الجانب الشعبي، فقد أعرب المصريون عن رفضهم التام لدخول مثل هذه القوافل إلى الأراضي المصرية، والتي يسعى منظموها للمزايدة على الدور المصري، وزعزعة الثقة بين الشعب وقيادته السياسية، التي تحملت عبء القضية الفلسطينية على مر التاريخ.
إن القرار الذي ستتخذه القيادة السياسية في هذا الشأن سيكون معبّرًا عن إرادة الشعب المصري، وفي الوقت ذاته، ستظل مصر هي الداعم الأول والرئيسي للشعب الفلسطيني حتى حصوله على حقوقه المشروعة.