رفعت فياض يكتب: ثانوية عامة غير مسبوقة هذا العام

813 ألف طالب وطالبة وشهادتان مختلفتان.. الأولى بـ320 درجة والثانية بـ410
ينطلق يوم الأحد القادم ماراثون امتحانات الثانوية العامة لهذا العام في مشهد غير مسبوق، إذ تشهد مصر ولأول مرة نظامين مختلفين لشهادات الثانوية العامة: شهادة حديثة وشهادة قديمة. يدخل امتحانات الشهادة الحديثة هذا العام نحو 768 ألف طالب وطالبة، في نظام جديد يتضمن خمس مواد إجبارية فقط، تُضاف إلى المجموع النهائي الذي يبلغ 320 درجة، وهو أقل بكثير من مجموع السنوات الماضية، في خطوة هي الأولى من نوعها بتاريخ الثانوية العامة في مصر.
في المقابل، يخوض ما يزيد على 45 ألف طالب وطالبة امتحانات الشهادة الثانوية العامة بالنظام القديم، ضمن فئة الباقين للإعادة، حيث يمتحنون في سبع مواد إجبارية بمجموع كلي يبلغ 410 درجات، كما كان متبعًا في السنوات السابقة. وبذلك يبلغ إجمالي عدد طلاب الثانوية العامة هذا العام – بنظاميها القديم والحديث – نحو 813 ألف طالب وطالبة، وهو عدد يفوق تعداد سكان بعض الدول الصغيرة.
وتختلف تفاصيل النظامين بشكل لافت. في الشهادة الحديثة، تُدرّس اللغة الأجنبية الثانية (فرنسية، إيطالية، ألمانية، إلخ) خارج المجموع لكنها شرط للنجاح، أي يجب على الطالب اجتيازها دون أن تُحتسب درجاتها في المجموع. أما في الشهادة القديمة، فتظل اللغة الأجنبية الثانية داخل المجموع، كما كان معمولًا به سابقًا، مع توحيد الامتحان بين النظامين، بحيث يؤدي طلاب كلا النظامين امتحان اللغة الثانية ذاته، لكن تُحسب الدرجات في أحد النظامين دون الآخر.
وستتوحد امتحانات الشهادتين في بعض المواد، سواء التي لا تُضاف للمجموع مثل التربية الدينية والتربية الوطنية، أو التي تُضاف للمجموع مثل اللغة العربية واللغة الأجنبية الأولى واللغة الأجنبية الثانية، وسيكون الامتحان موحدًا في هذه المواد لكلا النظامين وفي توقيت واحد.
بالنسبة لتوزيع المواد في الشهادة الحديثة ذات المجموع 320 درجة، فسوف يمتحن طلاب الشعبة العلمية (علوم) في اللغة العربية، واللغة الأجنبية الأولى، والأحياء، والكيمياء، والفيزياء. أما طلاب شعبة الرياضيات فموادهم هي اللغة العربية، واللغة الأجنبية الأولى، والرياضيات، والكيمياء، والفيزياء. بينما يدرس طلاب الشعبة الأدبية اللغة العربية، واللغة الأجنبية الأولى، والتاريخ، والجغرافيا، والإحصاء.
أما في الشهادة القديمة ذات المجموع 410 درجات، فسيمتحن الطلاب في ثلاث مواد موحدة بين الشعب الثلاث هي اللغة العربية، واللغة الأجنبية الأولى، واللغة الأجنبية الثانية. ثم تختلف باقي المواد حسب التخصص. فالقسم الأدبي يشمل التاريخ، والجغرافيا، وعلم النفس والاجتماع، والفلسفة والمنطق. أما القسم العلمي (علوم) فيؤدي طلابه امتحانات في الفيزياء، والكيمياء، والأحياء، والجيولوجيا. وشعبة الرياضيات تتضمن الفيزياء، والكيمياء، والرياضة البحتة، والرياضة التطبيقية.
وبعد إعلان نتائج الشهادتين، بمجموعين مختلفين، يدرس مكتب تنسيق القبول بالجامعات عدة سيناريوهات لضمان العدالة في التوزيع، منها احتساب مجموع اعتباري لطلاب النظام القديم بعد تعديل نسبي لدرجاتهم، أو تخصيص نسبة مقاعد محددة بكل كلية أو معهد لطلاب كل نظام، بحيث يكون هناك حد أدنى مختلف للقبول حسب طبيعة الشهادة، وهو ما يشبه ما يُطبق في تنسيق طلاب الشهادات العربية المعادلة، حيث تختلف المجاميع ونظم التقييم من دولة لأخرى.
وفي حال التقديم على الجامعات التي لا تخضع لمكتب التنسيق مثل الجامعات الخاصة والأهلية والتكنولوجية، قد يُعتمد على آلية “المجموع الاعتباري” أيضًا، لضمان التوزيع العادل بين الطلاب وفقًا لظروف كل شهادة ومجموعاتها المختلفة.
نحن إذن أمام عام استثنائي في مسيرة التعليم المصري، تتداخل فيه الرؤى القديمة مع النظام الجديد، مما يفرض تحديات كبيرة على الجهات المعنية بالتنسيق والقبول الجامعي لضمان العدالة بين الجميع، ويضع نظام التعليم أمام اختبار حقيقي في القدرة على الاستجابة للواقع المتغير دون الإخلال بمبدأ تكافؤ الفرص.
✍️ رفعت فياض
صحفي وباحث في شؤون التعليم