إنجاز مصري عالمي في الأمن السيبراني

بقلم اللواء – حسن شريف:
في كل مرة يحقق فيها مصري إنجازًا عالميًا، أشعر بالفخر والاعتزاز. وهذه المرة، جاء التكريم مستحقًا لرجل قدم الكثير في مجال الأمن السيبراني والتشريعات الرقمية. فقد كان من دواعي سروري أن أتابع عن كثب لحظة تكريم المستشار الدكتور محمد محمود شوقي، نائب رئيس مجلس الدولة المصري، في ولاية بارايبا بالبرازيل، حيث حصل على وسام الاستحقاق البرازيلي، أحد أرفع الأوسمة التي تُمنح للشخصيات العالمية التي تقدم إسهامات استثنائية في مجالات القانون، الأمن، والعدالة الرقمية.
وقد لفتني التقدير الذي حظي به الدكتور شوقي من كبار المسؤولين البرازيليين، خاصة أن هذا التكريم لم يكن مجرد احتفاء عابر، بل اعترافًا دوليًا بمسيرته الحافلة في مكافحة الجرائم السيبرانية وتعزيز الأمن الرقمي.
مشهد يليق بعالم مصري بارز
حين وصل الدكتور محمد محمود شوقي إلى مطار ولاية بارايبا، لم يكن مجرد ضيف شرف، بل بدا وكأنه أحد كبار القادة الذين يحملون على عاتقهم مسؤولية أمن العالم الرقمي. الموسيقى العسكرية التي عزفت تكريمًا له، والاستقبال الرسمي المميز، كانا دلالة واضحة على المكانة التي يحظى بها في الأوساط القانونية والأمنية الدولية.
أما خلال حفل التكريم الرسمي، الذي أُقيم في كلية تدريب الشرطة البرازيلية، فقد شاهدت كيف اجتمع نخبة من كبار المسؤولين الحكوميين، القادة الأمنيين، وشخصيات قانونية بارزة للاحتفاء بإنجازاته. كان المشهد أكثر من مجرد مراسم رسمية، فقد كان تعبيرًا عن عمق التقدير الذي يكنه العالم لرجل أفنى عمره في خدمة العدالة الرقمية، وصياغة تشريعات تحمي المجتمعات من التهديدات السيبرانية.
ولم يكن رفع العلمين المصري والبرازيلي، وعزف النشيدين الوطنيين، إلا لحظة تأكيد على أن مصر، بعقولها النابغة، قادرة على ترك بصمتها في كل مجال.
لماذا استحق الدكتور شوقي هذا التكريم؟
حين نتحدث عن مكافحة الجرائم السيبرانية، لا يمكننا إلا أن نذكر الجهود الحثيثة التي بذلها الدكتور محمد محمود شوقي خلال مسيرته. لقد نظّم أكثر من 150 مؤتمرًا دوليًا حول الأمن السيبراني، في دول مثل مصر، البرازيل، وفرنسا، وكان معظمها مجانيًا، بدافع نشر الوعي حول مخاطر التهديدات الرقمية.
كما أسس عام 2006 جمعية غير هادفة للربح في باريس، تجمع بين المحامين، طلاب الدراسات العليا، مهندسي أمن المعلومات، والقانونيين، بهدف تقديم المساعدة القانونية لضحايا الجرائم السيبرانية. ولعل هذا الجانب الإنساني من عمله هو ما جعله يحظى بتقدير دولي واسع، فهو لم يكتفِ بالجانب الأكاديمي فقط، بل كان دائم الحرص على تقديم دعم حقيقي للمجتمعات المتضررة من الجرائم الرقمية.
كما قدم الدكتور شوقي استشارات قانونية للعديد من الحكومات والمؤسسات الدولية، وساهم في إعداد تشريعات رقمية حديثة، تواكب التطور التكنولوجي، وتحدّ من الجرائم الإلكترونية التي باتت تهدد الأفراد والدول على حد سواء.
بصماته في إفريقيا والعالم
لم يكن الدكتور محمد محمود شوقي مجرد خبير في التشريعات الرقمية، بل كان رائدًا حقيقيًا في نشر الوعي بالأمن السيبراني في إفريقيا والعالم. فقد ساعد جامعة نيلسون مانديلا في جنوب إفريقيا على إنشاء أول مركز بحثي لقانون الإنترنت في القارة، بهدف دعم المشرعين والباحثين في صياغة قوانين تحمي المجتمعات من الجرائم الرقمية.
كما لعب دورًا بارزًا في إعداد اتفاقية الاتحاد الإفريقي للجرائم السيبرانية، بالتعاون مع الأمم المتحدة، لتعزيز الأمن الرقمي في القارة السمراء. ولم يقتصر تأثيره على ذلك، بل قام بتدريب المشرعين الأفارقة على كيفية صياغة قوانين حديثة، تساعد في حماية المجتمعات من الهجمات الإلكترونية.
أما على المستوى الأكاديمي، فقد أثرى الدكتور شوقي المجال القانوني بأكثر من 250 ورقة بحثية في مؤتمرات دولية، إضافة إلى 40 دراسة علمية باللغات العربية، الإنجليزية، والفرنسية، وهو ما يجعله من أكثر الشخصيات تأثيرًا في مجال التشريعات الرقمية.
لحظة فخر لكل مصري
حين وقف الدكتور محمد محمود شوقي على منصة التكريم، وهو يحمل وسام الاستحقاق البرازيلي، شعرت أن هذا ليس مجرد تكريم شخصي، بل هو تشريف لمصر والعالم العربي بأسره.
في كلمته، أكد الدكتور شوقي أن هذا الإنجاز ليس لشخصه فقط، بل هو تكريم لكل الجهود التي تبذلها مصر في مجال الأمن السيبراني، مشيرًا إلى أن مستقبل التشريعات الرقمية هو مفتاح الاستقرار العالمي، وأننا بحاجة إلى تطوير سياسات وقوانين تواكب الثورة الرقمية المتسارعة.
وقد لمست في كلماته إحساسًا بالمسؤولية تجاه مستقبل الأمن الرقمي، وكأنه يحمل على عاتقه مهمة حماية العالم من مخاطر الجرائم السيبرانية، وهي مهمة لا تقل أهمية عن أي تحدٍ أمني آخر تواجهه الدول اليوم.
إشادة برازيلية وتعاون مشترك
لم يكن هذا التكريم مجرد احتفاء بشخصية قانونية بارزة، بل كان أيضًا إشارة إلى مدى التعاون بين مصر والبرازيل في المجالات القانونية والتكنولوجية. فقد أشادت الحكومة البرازيلية بدور الدكتور شوقي في تعزيز الأمن الرقمي، واعتبرته نموذجًا يُحتذى به في التعاون الدولي لمواجهة الجرائم السيبرانية.
وهذا يفتح آفاقًا جديدة للتعاون المشترك بين مصر والبرازيل في مجالات الأمن الرقمي، تطوير البنية التحتية التكنولوجية، ومكافحة الجرائم السيبرانية، وهو ما يعزز مكانة مصر كدولة رائدة عالميًا في التشريعات الرقمية.
مصر على الخريطة العالمية للأمن السيبراني
لقد كان حصول الدكتور محمد محمود شوقي على وسام الاستحقاق البرازيلي تأكيدًا جديدًا على أن الكفاءات المصرية قادرة على تحقيق التأثير العالمي. فمصر، التي لطالما كانت مهد الحضارات، تثبت اليوم أنها قادرة على الريادة في مجالات التكنولوجيا والقانون، وأن أبناءها قادرون على التصدي لأكبر التحديات الرقمية، بل والمساهمة في صياغة مستقبل أكثر أمنًا للعالم.
إن هذا التكريم ليس مجرد وسام، بل هو رسالة لكل شاب مصري: أن الطموح والمعرفة يمكن أن يضعاك في مصاف القادة العالميين، تمامًا كما فعل الدكتور محمد محمود شوقي.